للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ الشَّاعِرُ:

وَإِنِّي لَأَجْتَازُ الْقُرَى طَاوِيَ الْحَشَا ... مُحَاذَرَةً مِنْ أَنْ يُقَالَ لَئِيمُ

الرِّوَايَةُ بِضَمِّ لَامِ يُقَالُ. وَمَدْحُ الْكَرَمِ وَذَمُّ الْبُخْلِ كَثِيرٌ فِي الْكَلَامِ وَفِي هَذَا كِفَايَةٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ.

قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ وَيْحَكَ مَا تَصْنَعُ بِادِّخَارِ مَالٍ لَا يُؤَثِّرُ حَسَنَةً فِي صَحِيفَةٍ، وَلَا مَكْرُمَةً فِي تَارِيخٍ؟ أَمَا سَمِعْت بِإِنْفَاقِ أَبِي بَكْرٍ وَبُخْلِ ثَعْلَبَةَ أَمَا رَأَيْتَ مَآثِرَ مَدْحِ حَاتِمٍ وَبُخْلَ الْحَبَابِ وَيْحَك لَوْ ابْتَلَاكَ فِي مَالِكَ بِقِلَّةٍ اسْتَغَثْتَ، أَوْ فِي بَدَنِكَ لَيْلَةً بِمَرَضٍ شَكَوْتَ. إنَّمَا نُرِيدُ كَمَالَ مُرَادِك فَأَنْتَ تَسْتَوْفِي مَطْلُوبَاتِك مِنْهُ وَلَا يَسْتَوْفِي حَقَّهُ عَلَيْك.

{وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ} [المطففين: ١] انْتَهَى كَلَامُهُ. وَقَدْ قِيلَ:

مَاتَ الْكِرَامُ وَمَرُّوا وَانْقَضَوْا وَمَضَوْا ... وَمَاتَتْ مِنْ بَعْدِهِمْ تِلْكَ الْكَرَامَاتُ

وَخَلَّفُونِي فِي قَوْمٍ ذَوِي سَفَهٍ ... لَوْ أَبْصَرُوا طَيْفَ ضَيْفٍ فِي الْكَرَى مَاتُوا

وَقَدْ سَبَقَ مَا يَتَعَلَّقُ بِهَذَا فِي مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَحُسْنِ الْخُلُقِ قَبْلَ هَذَا بِنَحْوِ خَمْسِ كَرَارِيسَ أَوْ سِتَّةٍ وَقَبْلَهُ بِيَسِيرٍ طَلَبُ الْحَاجَاتِ مِنْ النَّاسِ.

قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: أَجْمَعَتْ الْحُكَمَاءُ عَلَى أَرْبَعِ كَلِمَاتٍ: وَهِيَ لَا تُحَمِّلْ قَلْبَكَ مَا لَا يُطِيقُ وَلَا تَعْمَلْ عَمَلًا لَيْسَ لَك فِيهِ مَنْفَعَةٌ، وَلَا تَثِقَنَّ بِامْرَأَةٍ، وَلَا تَغْتَرَّ بِمَالٍ وَإِنْ كَثُرَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>