حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ ثنا شِبْلٌ عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِابْنِ عَبَّاسٍ كَمْ الْكَبَائِرُ؟ سَبْعٌ؟ قَالَ: هِيَ إلَى سَبْعِمِائَةٍ أَقْرَبُ مِنْهَا إلَى سَبْعٍ غَيْرَ أَنَّهُ لَا كَبِيرَةَ مَعَ اسْتِغْفَارٍ وَلَا صَغِيرَةَ مَعَ إصْرَارٍ. وَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ شِبْلٍ وَهُوَ إسْنَادٌ صَحِيحٌ. فَإِنْ قُلْنَا قَوْلُ الصَّحَابَةِ حُجَّةٌ صَارَتْ الصَّغِيرَةُ بِإِدْمَانِهَا كَالْكَبِيرَةِ، وَإِنْ لَمْ نَقُلْ كَذَلِكَ فَالْعَمَلُ: لَا صَغِيرَةَ مَعَ إصْرَارٍ، وَلَا كَبِيرَةَ مَعَ اسْتِغْفَارٍ، صَارَتْ الصَّغِيرَةُ بِإِدْمَانِهَا كَالْكَبِيرَةِ، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ فَالْعَمَلُ بِظَاهِرِ الْقَوْلِ السَّابِقِ، وَظَاهِرِ الْأَدِلَّةِ أَوْلَى.
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ: «ارْحَمُوا تُرْحَمُوا، وَاغْفِرُوا يُغْفَرْ لَكُمْ، وَيْلٌ لِأَقْمَاعِ الْقَوْلِ، وَيْلٌ لِلْمُصِرِّينَ الَّذِينَ يُصِرُّونَ عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ حَدَّثَنَا يَزِيدُ حَدَّثَنَا حِبَّانُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ فَذَكَرَهُ. قَوْلُ الْبُخَارِيِّ فِي تَارِيخِهِ حِبَّانُ بْنُ زَيْدٍ الشَّرْعَبِيُّ أَبُو خِدَاشٍ الشَّامِيُّ، وَرَوَى عَنْهُ حَرِيزٌ يَرْوِي عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو قَالَهُ مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ وَحَدَّثَنِي عِصَامُ حَدَّثَنَا حَرِيزٌ عَنْ حِبَّانَ وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ حِبَّانَ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ وَلَمْ أَجِدْ فِي حِبَّانَ كَلَامًا وَلَا رَوَى عَنْهُ إلَّا حَرِيزٌ لَكِنَّ ظَاهِرَ مَا ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ أَنَّهُ مَشْهُورٌ. قَالَ الْأَصْمَعِيُّ أَصْلُ الشَّرْعَبَةِ الطُّولُ، يُقَالُ رَجُلٌ شَرْعَابٌ وَامْرَأَةٌ شَرْعَابَةٌ وَهَذَا مَنْسُوبٌ إلَى شَرْعَبَ بْنِ قَيْسٍ مِنْ حِمْيَرَ
، وَالْأَقْمَاعُ جَمْعُ قِمْعٍ بِكَسْرِ الْقَافِ وَبِسُكُونِ الْمِيمِ وَفَتْحِهَا كَنِطْعٍ وَنِطَعٍ، وَقِيلَ بِفَتْحِ الْقَافِ وَسُكُونِ الْمِيمِ وَهُوَ الْإِنَاءُ الَّذِي يَنْزِلُ فِي رُءُوسِ الظُّرُوفِ لِتُمْلَأَ بِالْمَائِعَاتِ مِنْ الْأَشْرِبَةِ وَالْأَدْهَانِ. شَبَّهَ أَسْمَاعَ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ الْقَوْلَ وَلَا يَعُونَهُ وَيَحْفَظُونَهُ وَيَعْمَلُونَ بِهِ بِالْأَقْمَاعِ الَّتِي لَا تَعِي شَيْئًا مِمَّا يُفَرَّغُ فِيهَا فَكَأَنَّهُ يَمُرُّ عَلَيْهَا مُجْتَازًا كَمَا يَمُرُّ الشَّرَابُ فِي الْأَقْمَاعِ. .
قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ فِي النِّهَايَةِ: وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أَوَّلُ مَنْ يُسَاقُ إلَى النَّارِ الْأَقْمَاعُ الَّذِينَ إذَا أَكَلُوا لَمْ يَشْبَعُوا، وَإِذَا جَمَعُوا لَمْ يَسْتَغْنُوا» أَيْ كَانَ مَا يَأْكُلُونَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute