للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي النُّعْمَانِ قَالَ: حَجَجْتُ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ فَقَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فَدَخَلْتُ مَسْجِدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَتَقَدَّمْتُ إلَى مُقَدَّمِ الْمَسْجِدِ أُصَلِّي إذْ دَخَلَ عُمَرُ فَرَآنِي فَأَخَذَ بِرَأْسِي وَجَعَلَ يَضْرِبُ بِهِ الْحَائِطَ وَيَقُولُ: أَلَمْ أَنْهَكُمْ أَنْ تَقْدُمُوا فِي مُقَدَّمِ الْمَسْجِدِ بِالسَّحَرِ إنَّ لَهُ عَوَامِرَ.

وَبِإِسْنَادِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: دَخَلَ حَابِسُ بْنُ سَعْدٍ الطَّائِيُّ الْمَسْجِدَ مِنْ السَّحَرِ، وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ فَإِذَا نَاسٌ فِي صَدْرِ الْمَسْجِدِ يُصَلُّونَ فَقَالَ: أَرْعِبُوهُمْ فَمَنْ أَرْعَبَهُمْ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ قَالَ جَرِيرُ بْنُ عُثْمَانَ: كُنَّا نَسْمَعُ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ تَكُونُ قَبْلَ الصُّبْحِ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ قَالَ الْقَاضِي: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى كَرَاهَةِ التَّقَدُّمِ فِي الْمَسْجِدِ وَقْتَ السَّحَرِ.

وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُسْتَلْقِيًا فِي الْمَسْجِدِ، وَاضِعًا إحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ. وَلِمَالِكٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ عُمَرَ وَعُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - كَانَا يَفْعَلَانِ ذَلِكَ. وَعَنْ جَابِرٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى أَنْ يَرْفَعَ إحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى وَهُوَ مُسْتَلْقٍ عَلَى ظَهْرِهِ.» إسْنَادُهُ ثِقَاتٌ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ «وَرَأَى قَتَادَةُ بْنُ النُّعْمَانِ أَخَاهُ لِأُمِّهِ أَبَا سَعِيدٍ كَذَلِكَ وَكَانَتْ إحْدَى رِجْلَيْهِ وَجِعَةً فَضَرَبَهُ عَلَيْهَا فَقَالَ: أَوْجَعْتَنِي مَا حَمَلَكَ عَلَى ذَلِكَ قَالَ: أَوَلَمْ تَسْمَعْ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ نَهَى عَنْ هَذِهِ.» رَوَاهُ أَحْمَدُ قَالَ الْمَرُّوذِيّ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ الرَّجُلِ يَسْتَلْقِي عَلَى قَفَاهُ وَيَضَعُ إحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى قَالَ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ قَدْ رُوِيَ.

قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: لَا بَأْسَ بِهِ إذَا كَانَ لَهُ سَرَاوِيلُ وَيَتَوَجَّهُ تَخْرِيجُ رِوَايَةِ يُكْرَهُ كَشُرْبِهِ قَائِمًا وَنَهْيِهِ عَنْهُ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَعَلَى هَذَا لَوْ وَضَعَ إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى مِنْ غَيْرِ اسْتِلْقَاءٍ احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ نَظَرًا إلَى أَنَّ النَّهْيَ إنَّمَا هُوَ مَنْعُ الِاسْتِلْقَاءِ، وَالْأَصْلُ اعْتِبَارُ الْوَصْفِ. أَوْ أَنَّ الْمَقْصُودَ وَضْعُ إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى، وَالِاسْتِلْقَاءُ ذُكِرَ؛ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ لَا أَنَّهُ مُعْتَبَرٌ فِي الْحُكْمِ، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ خُولِفَ لِلْخَبَرِ وَهُوَ فِي أَمْرٍ مَخْصُوصٍ فَيَقْتَصِرُ عَلَيْهِ.

وَقَدْ قَالَ ابْنُ حَزْمٍ فِي كِتَابِ الْإِجْمَاعِ قَبْلَ السَّبْقِ وَالرَّمْيِ: اتَّفَقُوا عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>