وَكَعْبٌ مِنْ فُحُولِ الشُّعَرَاءِ هُوَ وَأَبُوهُ وَابْنُهُ عُقْبَةُ وَابْنُ ابْنِهِ الْعَوَامُّ بْنُ عُقْبَةَ وَمِمَّا يُسْتَحْسَنُ لِكَعْبٍ قَوْلُهُ:
لَوْ كُنْتُ أَعْجَبُ مِنْ شَيْءٍ لَأَعْجَبَنِي ... سَعْيُ الْفَتَى وَهْوَ مَخْبُوءٌ لَهُ الْقَدَرُ
يَسْعَى الْفَتَى لِأُمُورٍ لَيْسَ يُدْرِكُهَا ... كَالنَّفْسِ وَاحِدَةً وَالْهَمُّ مُنْتَشِرُ
وَالْمَرْءُ مَا عَاشَ مَمْدُودٌ لَهُ أَمَلٌ ... لَا تَنْتَهِي الْعَيْنُ حَتَّى يَنْتَهِي الْأَثَرُ
وَقَوْلُهُ فِي النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:
تَحْدِي بِهِ النَّاقَةُ الْأَدْمَاءُ مُعْتَجِرًا ... بِالْبُرْدِ جَلِيٌّ عَلَيْهِ لَيْلَةَ الظُّلَمِ
فَفِي عِطَافَيْهِ أَوْ أَثْنَاءِ بُرْدَتِهِ ... مَا يَعْلَمُ اللَّهُ مِنْ دِينٍ وَمِنْ كَرَمِ
ذُكِرَ رَجُلٌ لِرَجُلٍ فَقَالَ: مَا بَعَثْتُهُ فِي سَوَادٍ إلَّا جَلَاهُ وَمَحَاهُ، وَلَا فِي بَيَاضٍ إلَّا أَزْكَاهُ وَأَرْضَاهُ وَمَدَحَ أَعْرَابِيٌّ رَجُلًا فَقَالَ: كَالْمِسْكِ إنْ تَرَكْتَهُ عَبِقَ، وَإِنْ خَبَّأْتَهُ عَبِقَ.
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: مَا مَاتَ مَنْ تَرَكَ مِثْلَكَ. وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِابْنِ مَسْعُودٍ عَبْدَ اللَّهِ بِلَا شَكٍّ فَإِنَّهُ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُولَدَ ابْنُ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: لَا تُعَجِّلَنَّ بِمَدْحِ أَحَدٍ وَلَا بِذَمِّهِ فَإِنَّهُ رُبَّ مَنْ يَسُرُّك الْيَوْمَ يَسُوءُك غَدًا.
وَقَالَ النَّجَاشِيُّ لِلشَّاعِرِ:
إنِّي امْرُؤٌ قَلَّمَا أُثْنِي عَلَى أَحَدٍ ... حَتَّى أَرَى بَعْضَ مَا يَأْتِي وَمَا يَذَرُ
لَا تَحْمَدَنَّ امْرَأً حَتَّى تُجَرِّبَهُ ... وَلَا تَذُمَّنَّ مَنْ لَمْ يُبْلِهِ الْخَبَرُ
وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ: إذَا قَالَ رَجُلٌ مَا لَا يَعْلَمُ فِيكَ مِنْ الْخَيْرِ أَوْشَكَ أَنْ يَقُولَ فِيك مَا لَمْ يَعْلَمْ مِنْ الشَّرِّ. وَسَبَقَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ ذَمُّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِرِجَالٍ مُعَيَّنِينَ قَالَ الْحَسَنُ: ذَمُّ الرَّجُلِ نَفْسَهُ فِي الْعَلَانِيَةِ مَدْحٌ لَهَا فِي السِّرِّ، كَانَ يُقَالُ: مَنْ أَظْهَرَ عَيْبَ نَفْسِهِ فَقَدْ زَكَّاهَا. ذَمَّ أَعْرَابِيٌّ رَجُلًا فَقَالَ: أَنْتَ وَاَللَّهِ مِمَّنْ إذَا سَأَلَ أَلْحَفَ، وَإِذَا سُئِلَ سَوَّفَ، وَإِذَا حَدَّثَ حَلَفَ، وَإِذَا وَعَدَ خَلَفَ يَنْظُرُ نَظَرَ حَسُودٍ، وَيُعْرِضُ إعْرَاضَ حَقُودٍ.
قَالَ الشَّاعِرُ: