للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: يُسَنُّ التَّوَاضُعُ فِي اللِّبَاسِ وَلُبْسُ الْبَيَاضِ وَالنَّظَافَةُ فِي بَدَنِهِ وَثَوْبِهِ، قَالَ ابْنُ حَمْدَانَ وَمَجْلِسِهِ وَالطِّيبُ فِي بَدَنِهِ وَثَوْبِهِ، وَالتَّحَنُّكُ وَالذُّؤَابَةُ مَعَهُ وَإِسْبَالُهَا خَلْفَهُ انْتَهَى كَلَامُهُ. وَالْمُرَادُ بِالْعِمَامَةِ أَنْ تَكُونَ بِذُؤَابَةٍ مُتَوَسِّطَةٍ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا فَتَقِي الرَّأْسَ مِمَّا يُؤْذِيهِ مِنْ حَرٍّ وَبَرْدٍ وَلَا يَتَأَذَّى بِهَا، وَالتَّحْنِيكُ يَدْفَعُ عَنْ الْعُنُقِ الْحَرَّ وَالْبَرْدَ وَهُوَ أَثْبَتُ لِلْعِمَامَةِ وَلَا سِيَّمَا لِلرُّكُوبِ.

وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُحِبُّ مِنْ الْأَلْوَانِ الْخَضِرَةَ وَيَكْرَهُ الْحُمْرَةَ وَيَقُولُ هِيَ زِينَةُ الشَّيْطَانِ» .

وَقَالَ مَالِكٌ الْأَشْتَرُ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: أَيُّ الْأَلْوَانِ أَحْسَنُ؟ قَالَ الْخُضْرَةُ؛ لِأَنَّهَا لَوْنُ ثِيَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ قَالَ وَأَنْشَدَ غَيْرُ وَاحِدٍ لِلشَّافِعِيِّ:

عَلَيَّ ثِيَابٌ لَوْ تُبَاعُ جَمِيعُهَا ... بِفَلْسٍ لَكَانَ الْفَلْسُ مِنْهُنَّ أَكْثَرَا

وَفِيهِنَّ نَفْسٌ لَوْ يُقَاسُ بِبَعْضِهَا ... نُفُوسُ الْوَرَى كَانَتْ أَجَلَّ وَأَكْبَرَا

أَخَذَهُ الْمُتَنَبِّي فَقَالَ:

لَئِنْ كَانَ ثَوْبِي فَوْقَ قِيمَتِهِ الْفَلْسُ ... فَلِي فِيهِ نَفْسٌ دُونَ قِيمَتِهَا الْإِنْسُ

فَثَوْبُك بَدْرٌ تَحْتَ أَنْوَارِهِ دُجًى ... وَثَوْبِي لَيْلٌ تَحْتَ أَطْمَارِهِ شَمْسُ

وَقَالَ آخَرُ:

لَا تَنْظُرَنَّ إلَى الثِّيَابِ فَإِنَّنِي ... خَلِقُ الثِّيَابِ مِنْ الْمُرُوءَةِ كَاسِ

وَقَالَ مَحْمُودُ الْوَرَّاقُ:

تَصَوَّفَ فَازْدَهَى بِالصُّوفِ جَهْلًا ... وَبَعْضُ النَّاسِ يَلْبَسُهُ مَجَانَهْ

يُرِيك مَجَانَةً وَيُجَنُّ كِبْرًا ... وَلَيْسَ الْكِبْرُ مِنْ شَكْلِ الْمَهَانَهْ

تَصَنَّعَ كَيْ يُقَالَ لَهُ أَمِينٌ ... وَمَا مَعْنَى التَّصَنُّعِ لِلْأَمَانَهْ

وَلَمْ يُرِدْ الْإِلَهُ بِهِ وَلَكِنْ ... أَرَادَ بِهِ الطَّرِيقَ إلَى الْخِيَانَهْ

<<  <  ج: ص:  >  >>