للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ لِسَلَفِهِ وِلَايَةٌ وَمَنْصِبٌ وَدَوْلَةٌ وَقَدْ أَفْضَى بِهِ الدَّهْرُ إلَى الْعُطْلَةِ لَا يَقْتَضِي أَوْ لَا يَنْبَغِي مُعَامَلَتُهُ بِمَاضِي الرِّيَاسَةِ وَقَالَ فِي قَصِيدَةٍ كَبِيرَةٍ:

أَخُوك الَّذِي إنْ تَدْعُهُ لِعَظِيمَةٍ ... يُجِبْكَ وَإِنْ تَغْضَبْ إلَى السَّبْقِ يَغْضَبْ.

وَقَالَ فِي الْفُنُونِ أَيْضًا مِنْ كَمَالِ الْآدَابِ تَلَمُّحُ النَّفْسِ وَإِزَالَةُ كُلِّ مَا يُكْرَهُ مِنْهَا وَيُؤْذِي عِنْدَ الْمُخَالَطَةِ وَإِنْ أَمْكَنَ ذَاكَ، وَإِلَّا فَإِرَاحَةُ النَّاسِ بِالِانْفِرَادِ وَالِاعْتِزَالِ فَالثَّقِيلُ الْمُخَالِطُ سَقَمٌ فِي الْأَبْدَانِ وَمُؤْنَةٌ عَلَى الْقُلُوبِ، وَتَضْيِيقٌ لِلْأَنْفَاسِ، وَحَصْرٌ لِلْحَوَاسِّ وَالْأَلَمُ يُعَرِّي الْأَرْوَاحَ تَفَضُّلًا عَنْ الْأَشْبَاحِ، وَالْقَذَرُ نَقْضُهُ الْمَجَالِسَ، وَالْمُسْتَعْلِمُ عَمَّا يَسْتُرُهُ النَّاسُ مُكَشِّفٌ لِأَسْتَارِ التَّجَمُّلِ، وَالْأَرْعَنُ مُرْتَعِدُ الطِّبَاعِ الْمَغْلُوبَةِ بِالْحِكْمَةِ، وَالْأَحْمَقُ مُفْسِدٌ لِلْقَوَانِينِ وَمُحْوِجٌ إلَى سُوءِ أَخْلَاقِ الْمُعَلِّمِينَ، وَمُزْرٍ عَلَى أَهْلِ الدُّنْيَا وَالدِّينِ، وَالْمُهَازِلُ مُسْقِطٌ لِوَقَارِ الْمَجَالِسِ مُذْهِبٌ لِحِشْمَةِ الْمَنَازِلِ وَمَا حَطَّ شَرَفًا مِثْلُ هَزْلٍ. وَقَطْعُ الرَّوَائِحِ الْكَرِيهَةِ، وَالْبَعْدُ عَنْ مَجَالِسِ الْأُنْسِ فَكَمْ مِنْ أَنِيسٍ بَيْنَ جُلَسَاءَ أَوْحَشَهُ مُدَاخَلَةُ ثَقِيلٍ يَجْهَلُ ثِقَلَ نَفْسِهِ عَلَى النَّاسِ، وَتَقْلِيلُ الْكَلَامِ مِنْ حُسْنِ الْإِصْغَاءِ وَالْإِنْصَاتِ، وَالْبُعْدُ عَنْ الْعَامِلِينَ ذَوِي النَّشَاطِ إذَا اعْتَرَاك التَّثَاؤُبُ وَالنُّعَاسُ فَذَلِكَ يُكْسِلُ الْعُمَّالَ وَيُفَتِّرُ الصُّنَّاعَ، وَانْتِقَادُ الْأَلْفَاظِ قَبْلَ إخْرَاجِهَا إلَى الْأَسْمَاعِ فَكَمْ مِنْ نَمٍّ أَرَاقَ دِمَاءَكُمْ مِنْ حَرْفٍ جَرَّ حَنَقًا وَإِيَّاكَ وَالْكَلَامَ فِيمَا لَيْسَ مِنْ مَجَارِكَ فَذَاكَ يَحُطُّ قَدْرَك، وَيَكْشِفُ عَنْ مَحَلِّك وَأَنْتَ مَعَ سُكُوتِك مَخْبُوءٌ تَحْتَ لِسَانِك تَتَرَامَى ظُنُونُ

<<  <  ج: ص:  >  >>