وَقَالَ أَيْضًا فِي أَثْنَاءِ كَلَامٍ لَهُ يَتَكَلَّمُ عَنْ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: اعْرَفْنِي بِمَا تَعَرَّفْت، وَلَا تَطْلُبْنِي مِنْ حَيْثُ كَتَمْت وَاقْتَطَعْت، أَنَا قَطَعْت بَعْضَ مَخْلُوقَاتِي وَعَنْ عِلْمِك حَيْثُ وَقَفْتُك: فَلَمَّا سَأَلْتَنِي عَنْ لَطِيفَةٍ فِيكَ فَقُلْتَ: مَا الرُّوحُ: فَقُلْتُ مُجِيبًا لَك مِنْ أَمْرِي، وَقَصُرَتْ عَنْ عِلْمِك وَعِلْمِ مَنْ سَأَلَك عَنْهَا فَقُلْت {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلا قَلِيلا} [الإسراء: ٨٥] .
قُلْت لِرَسُولِي فِي السَّاعَةِ: {أَيَّانَ مُرْسَاهَا} [الأعراف: ١٨٧] .
فَكَانَ جَوَابُ السَّائِلِ وَالْمَسْئُولِ: {قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلا هُوَ} [الأعراف: ١٨٧] تَجِيءُ بَعْدَهَا تَبْحَثُ عَنِّي مَنْ لَمْ يَرْضَك لِإِيقَافِك عَلَى بَعْضِك وَهُوَ يَصِفُك تَبْحَثُ عَنْ ذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ، أَمَا كَفَاكَ قَوْلِي: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [البقرة: ١٨٦] .
فَعَرَّفَك نَفْسَك وَنَفْسَهُ عِنْدَ سُؤَالِك عَنْهُ بِأَنَّهُ مُجِيبٌ لِدَعْوَتِك، فَإِيَّاكَ أَنْ تُطْلَبَ مَا وَرَاءَ ذَلِكَ، فَإِنَّك لَا تَجِدُ إلَّا مَا يُوَرِّثُك خَبَالًا، أَتَطْمَعُ أَنْ تَكْشِفَ حِجَابًا أَرْخَاهُ؟ أَوْ تَقِفَ عَلَى سِرٍّ غَطَّاهُ؟ عِلْمٌ قَصَرَهُ خَالِقُهُ عَنْ دَرْكِ بَعْضِ مَخْلُوقَاتِهِ الَّتِي فِيك تُرِيدُ أَنْ تَطَّلِعَ بِهِ عَلَى كُنْهِ بَارِيك، وَاَللَّهِ إنَّ مَوْتَك أَحْسَنُ مِنْ حَيَاتِك.
ثُمَّ ذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - سُؤَالَ فِرْعَوْنَ عَلَيْهِ اللَّعْنَةُ لِمُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَنْ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَمُحَاجَّةَ نُمْرُودَ عَلَيْهِ اللَّعْنَةُ لِإِبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، ثُمَّ قَالَ: فَالرُّسُلُ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ مُحِيلُونَ عِنْدَ السُّؤَالِ وَالْجِدَالِ فِي تَعْرِيفِهِ عَلَى أَفْعَالِهِ، فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُصْغَى إلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ: وَقَفْت عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute