وَيَتَأَكَّدُ وَيَتَقَرَّرُ، وَيُذَاكَرُ مِثْلُهُ فِي الرُّتْبَةِ أَوْ فَوْقَهُ أَوْ تَحْتَهُ، وَمُذَاكَرَةُ حَاذِقٍ فِي الْفَنِّ سَاعَةً أَنْفَعُ مِنْ الْمُطَالَعَةِ وَالْحِفْظِ سَاعَاتٍ بَلْ أَيَّامٍ وَلْيَتَحَرَّ الْإِنْصَافَ، وَيَقْصِدُ الِاسْتِفَادَةَ أَوْ الْإِفَادَةَ لَا يَتَرَفَّعُ عَلَى صَاحِبِهِ.
وَقَدْ قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي خُطْبَةِ الْإِرْشَادِ: وَأَعْتَذِرُ عَنْ لَوْمِ بَعْضِ أَهْلِ زَمَانِنَا بِقَوْلِهِمْ الِاشْتِغَالُ بِغَيْرِ الْأُصُولِ وَالسُّكُوتُ عَنْهَا أَحْرَى فَإِنَّ هَذَا قَوْلُ جَاهِلٍ بِمَحَلِّ الْأُصُولِ مُنْحَرِفٍ عَنْ الصَّوَابِ وَذَكَرَ كَلَامًا كَثِيرًا قَالَ أَحْمَدُ كُنَّا نَسْكُتُ حَتَّى دُفِعْنَا إلَى الْكَلَامِ فَتَكَلَّمْنَا.
وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: قَالَ رَجُلٌ لِابْنِ عَقِيلٍ تَرَى لِي أَنْ أَقْرَأَ عِلْمَ الْكَلَامِ؟ فَقَالَ: الدِّينُ النَّصِيحَةُ أَنْتَ الْآنَ عَلَى مَا بِك مُسْلِمٌ سَلِيمٌ وَإِنْ لَمْ تَنْظُرْ فِي الْجُزْءِ وَتَعْرِفُ الصُّفْرَةَ وَلَا عَرَفْت الْخَلَا وَالْمَلَا وَالْجَوْهَرَ وَالْعَرَضَ وَهَلْ يَبْقَى الْعَرَضُ زَمَانَيْنِ؟ وَهَلْ الْقُدْرَةُ مَعَ الْفِعْلِ أَوْ قَبْلَهُ؟ وَهَلْ الصِّفَاتُ زَائِدَةٌ عَلَى الذَّاتِ؟ وَهَلْ الِاسْمُ عَيْنُ الْمُسَمَّى أَوْ غَيْرُهُ؟ وَإِنِّي أَقْطَعُ أَنَّ الصَّحَابَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - مَاتُوا وَمَا عَرَفُوا ذَلِكَ، فَإِنْ رَأَيْت طَرِيقَةَ الْمُتَكَلِّمِينَ أَجْوَدَ مِنْ طَرِيقَةِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فَبِئْسَ الِاعْتِقَادُ، وَقَدْ أَفْضَى عِلْمُ الْكَلَامِ بِأَرْبَابِهِ إلَى الشُّكُوكِ فِي كَلَامٍ طَوِيلٍ. انْتَهَى كَلَامُهُ.
وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُنُونِ: قَوْلُ مُعْتَزِلِيٍّ لَا مُسْلِمَ إلَّا مَنْ اعْتَقَدَ وُجُودَ اللَّهِ وَصِفَاتِهِ عَلَى مَا يَلِيقُ بِهِ، فَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَهَّلَ مَا قَدْ صَعَّبْتَهُ فَقَنَعَ مِنْ النَّاسِ بِدُونِ ذَلِكَ، وَيَقُولُ لِلْأَمَةِ: " أَيْنَ اللَّهُ؟ " فَتُشِيرُ إلَى السَّمَاءِ فَيَقُولُ: " إنَّهَا مُؤْمِنَةٌ " فَتَرَكَهُمْ عَلَى أَصْلِ الْإِثْبَاتِ إلَى أَنْ قَالَ: إنَّ مَذْهَبَ الْمُعْتَزِلَةِ أَنَّ مَنْ خَرَجَ مِنْ مُعْتَقَدِهِمْ لَيْسَ بِمُؤْمِنٍ، وَإِنَّ هَذَا يَنْعَطِفُ عَلَى السَّلَفِ الصَّالِحِ بِالتَّكْفِيرِ، وَإِنَّا نُحَقِّقُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَغَيْرَهُمَا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - لَمْ يَكُنْ إيمَانُهُمْ عَلَى مَا اعْتَقَدَهُ أَبُو عَلِيٍّ الْجُبَّائِيُّ، وَأَبُو هَاشِمٍ فَخَجِلَ ثُمَّ قَالَ: الْقَوْمُ كَانُوا يَعْرِفُونَ وَلَا يَتَكَلَّمُونَ، فَقِيلَ لَهُ: الْقَوْمُ كَانُوا يَنْهَوْنَ عَنْ الْجِدَالِ وَالْجِدَالُ شُبَهُ الْمُتَكَلِّمِينَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute