للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرَّعِيَّةَ إذَا قَدَرَتْ عَلَى أَنْ تَقُولَ قَدَرَتْ عَلَى أَنْ تَفْعَلَ، فَاجْتَهِدْ أَنْ لَا تَقُولَ، تَسْلَمْ مِنْ أَنْ تَفْعَلَ.

وَقَالَ مُعَاوِيَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لِيَزِيدَ ابْنِهِ: يَا بُنَيَّ اتَّخِذْ الْمَعْرُوفَ مَنَالًا عِنْدَ ذَوِي الْأَحْسَابِ تَسْتَمِلْ بِهِ مَوَدَّتَهُمْ وَتَعْظُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ، وَإِيَّاكَ وَالْمَنْعَ فَإِنَّهُ ضِدُّ الْمَعْرُوفِ فَإِنَّهُ يُقَالُ حَصَادُ مَنْ يَزْرَعُ الْمَعْرُوفَ فِي الدُّنْيَا اغْتِبَاطٌ فِي الْآخِرَةِ. ذَمَّ أَعْرَابِيٌّ رَجُلًا فَقَالَ: كَانَ سَمِينَ الْمَالِ مَهْزُولَ الْمَعْرُوفِ.

وَقَالَ الزُّهْرِيُّ أَوْ الزُّبَيْرِيُّ: مَنْ زَرَعَ مَعْرُوفًا حَصَدَ خَيْرًا، وَمَنْ زَرَعَ شَرًّا حَصَدَ نَدَامَةً.

قَالَ الشَّاعِرُ:

مَنْ يَزْرَعْ الْخَيْرَ يَحْصُدْ مَا يُسَرُّ بِهِ ... وَزَارِعُ الشَّرِّ مَنْكُوسٌ عَلَى الرَّاسِ

وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ:

يَدُ الْمَعْرُوفِ غُنْمٌ حَيْثُ كَانَتْ ... تَحَمَّلَهَا شَكُورٌ أَوْ كَفُورُ

فَفِي شُكْرِ الشَّكُورِ لَهَا جَزَاءٌ ... وَعِنْدَ اللَّهِ مَا كَفَرَ الْكَفُورُ

وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ: سَمِعْتُ أَعْرَابِيًّا يَقُولُ أَسْرَعُ الذُّنُوبِ عُقُوبَةً كُفْرُ الْمَعْرُوفِ. وَلِابْنِ دُرَيْدٍ وَقِيلَ: إنَّهُ أَنْشَدَهُمَا

وَمَا هَذِهِ الْأَيَّامُ إلَّا مُعَارَةٌ ... فَمَا اسْطَعْتَ مِنْ مَعْرُوفِهَا فَتَزَوَّدْ

فَإِنَّك لَا تَدْرِي بِأَيَّةِ بَلْدَةٍ ... تَمُوتُ وَلَا مَا يُحْدِثُ اللَّهُ فِي غَدِ

وَقَالَ بَزَرْجَمْهَرْ: خَيْرُ أَيَّامِ الْمَرْءِ مَا أَغَاثَ فِيهِ الْمُضْطَرَّ، وَارْتَهَنَ فِيهِ الشُّكْرَ، وَاسْتَرَقَّ فِيهِ الْحُرَّ.

جَمَعَ كِسْرَى مَرَازِبَتَهُ وَعُيُونَ أَصْحَابِهِ فَقَالَ لَهُمْ: عَلَى أَيِّ شَيْءٍ أَنْتُمْ أَشَدُّ نَدَامَةً؟ فَقَالُوا عَلَى وَضْعِ الْمَعْرُوفِ فِي غَيْرِ أَهْلِهِ، وَطَلَبِ الشُّكْرِ مِمَّنْ لَا شُكْرَ لَهُ. قَالَ الشَّاعِرُ:

وَزَهَّدَنِي فِي كُلِّ خَيْرٍ صَنَعْتُهُ ... إلَى النَّاسِ مَا جَرَّبْتُ مِنْ قِلَّةِ الشُّكْرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>