وَهِيَ الْهَيْئَةُ عَنْ الْفَرَّاءِ وَفُلَانٌ خَيِّرٌ شَيِّرٌ أَيْ: يَصْلُحُ لِلْمُشَاوَرَةِ.
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الْأَرْيُ هُوَ الْعَسَلُ وَعَمَلُ النَّحْلِ أَرْيٌ أَيْضًا، وَقَدْ أَرَتْ النَّحْلُ تَأْرِي أَرْيًا عَمِلَتْ الْعَسَلَ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.
قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - لِأَيِّ مَعْنًى أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَمَرَ نَبِيَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: بِمُشَاوَرَةِ أَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - مَعَ كَمَالِ رَأْيِهِ وَتَدْبِيرِهِ فَقِيلَ لِيَسْتَنَّ بِهِ مَنْ بَعْدَهُ، قَالَهُ الْحَسَنُ وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَقِيلَ لِتَطِيبَ قُلُوبُهُمْ، قَالَهُ قَتَادَةُ وَالرَّبِيعُ وَابْنُ إِسْحَاقَ وَمُقَاتِلٌ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْهُ: نَظِيرُ هَذَا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الْبِكْرُ تُسْتَأْمَرُ فِي نَفْسِهَا» إنَّمَا أَرَادَ اسْتِطَابَةُ نَفْسِهَا فَإِنَّهَا لَوْ كَرِهَتْ كَانَ لِلْأَبِ أَنْ يُزَوِّجَهَا، وَكَذَلِكَ مُشَاوَرَةُ إبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِابْنِهِ حِينَ أُمِرَ بِذَبْحِهِ وَقِيلَ لِلْإِعْلَامِ بِتَرْكِهِ الْمُشَاوَرَةَ، قَالَهُ الضَّحَّاكُ.
قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَمِنْ فَوَائِدِ الْمُشَاوَرَةِ أَنَّ الْمُشَاوِرَ إذَا لَمْ يَنْجَحْ أَمْرُهُ عَلِمَ أَنَّ امْتِنَاعَ النَّجَاحِ مَحْضُ قَدَرٍ فَلَمْ يَلُمْ نَفْسَهُ وَمِنْهَا أَنَّهُ قَدْ يَعْزِمُ عَلَى أَمْرٍ يَتَبَيَّنُ لَهُ الصَّوَابُ فِي قَوْلِ غَيْرِهِ فَيَعْلَمُ عَجْزَ نَفْسِهِ عَنْ الْإِحَاطَةِ بِفُنُونِ الْمَصَالِحِ، قَالَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الِاسْتِشَارَةُ عَيْنُ الْهِدَايَةِ وَقَدْ خَاطَرَ مَنْ اسْتَغْنَى بِرَأْيِهِ، وَالتَّدْبِيرُ قَبْلَ الْعَمَلِ يُؤَمِّنُكَ مِنْ النَّدَمِ.
وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: مَا اُسْتُنْبِطَ الصَّوَابُ بِمِثْلِ الْمُشَاوَرَةِ، وَلَا حُصِّنَتْ النِّعَمُ بِمِثْلِ الْمُوَاسَاةِ، وَلَا اُكْتُسِبَتْ الْبَغْضَاءُ بِمِثْلِ الْكِبْرِ.
وَاعْلَمْ أَنَّهُ إنَّمَا أُمِرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمُشَاوَرَةِ أَصْحَابِهِ فِيمَا لَمْ يَأْتِهِ بِهِ وَحْيٌ وَعَمَّهُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute