للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالذِّكْرِ وَالْمَقْصُودُ: أَرْبَابُ الْفَضْلِ وَالتَّجَارِبِ مِنْهُمْ وَفِي الَّذِي أُمِرَ بِمُشَاوَرَتِهِمْ فِيهِ قَوْلَانِ حَكَاهُمَا الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى أَحَدُهُمَا أَمْرُ الدُّنْيَا خَاصَّةً (وَالثَّانِي) أَمْرُ الدُّنْيَا وَالدِّينِ وَهُوَ أَصَحُّ.

وَقَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ (وَشَاوِرْهُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ) قَالَ تَعَالَى: {فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} [آل عمران: ١٥٩] . أَيْ: لَا عَلَى الْمُشَاوَرَةِ، وَالْعَزْمُ عَقْدُ الْقَلْبِ عَلَى الشَّيْءِ يُرِيدُ أَنْ يَفْعَلَهُ، وَذَكَرَ أَبُو الْبَقَاءِ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَرَأَ (فِي بَعْضِ الْأَمْرِ) وَأَنَّ الْأَمْرَ هُنَا جِنْسٌ وَهُوَ عَامٌّ يُرَادُ بِهِ الْخَاصُّ وَقَرَأَ جَمَاعَةٌ (عَزَمْتُ) بِضَمِّ التَّاءِ أَيْ: إذَا أَمَرْتُكَ بِفِعْلِ شَيْءٍ فَتَوَكَّلْ، فَوَضَعَ الظَّاهِرَ مَوْضِعَ الْمُضْمَرِ.

وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ الْخَبَرَ الْمَرْوِيَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «مَا تَشَاوَرَ قَوْمٌ إلَّا هَدَاهُمْ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِأَرْشَدِ أُمُورِهِمْ» وَالْمَرْوِيُّ عَنْهُ أَيْضًا «لَنْ يَهْلَكَ امْرُؤٌ عَنْ مَشُورَةٍ» وَالْخَبَرُ الْمَشْهُورُ «الْمُسْتَشَارُ مُؤْتَمَنٌ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ وَفِي إسْنَادِهِ اضْطِرَابٌ. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي قِصَّةِ أَبِي الْهَيْثَمِ بْنِ التِّيهَانِ فِي الضِّيَافَةِ.

وَرَوَاهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِهِ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَهُوَ حَدِيثٌ جَيِّدُ الْإِسْنَادِ.

وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ مِنْ رِوَايَةِ شَرِيكٍ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ عَنْهُ، شَرِيكٌ حَدِيثُهُ حَسَنٌ.

قَالَ الْحَسَنُ: إنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَأْمُرْ نَبِيَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمُشَاوَرَةِ أَصْحَابِهِ حَاجَةً مِنْهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>