للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يَكْتُبُوا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ لِفُلَانٍ مِنْ فُلَانٍ وَكَانُوا يَكْرَهُونَهُ فِي الْعُنْوَانِ وَلَا أَحْفَظُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ أَنَّهُ رَخَّصَ فِي أَنْ يُكْتَبَ لِأَبِي فُلَانٍ فِي عُنْوَانٍ وَلَا غَيْرِهِ، قَالَهُ أَبُو جَعْفَرٍ.

وَقَالَ: فَأَمَّا ابْتِدَاءُ الْإِنْسَانِ بِنَفْسِهِ وَكَتْبِهِ مِنْ فُلَانٍ إلَى فُلَانٍ، فَفِيهِ اخْتِلَافٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي الْعُنْوَانِ وَصَدْرِ الْكِتَابِ فَأَكْثَرُهُمْ يَرَى أَنْ يَبْتَدِئَ بِنَفْسِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ عِنْدَهُ هُوَ السُّنَّةُ كَمَا رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ: أَنَّ الْعَلَاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ كَتَبَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَبَدَأَ بِنَفْسِهِ انْتَهَى كَلَامُهُ. وَهَذَا الْخَبَرُ رَوَاهُ شُعْبَةُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ زَاذَانَ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي الْمُسْنَدِ عَنْ هُشَيْمٍ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: أَحْمَدُ قَالَ مَرَّةً يَعْنِي هُشَيْمًا: عَنْ بَعْضِ وَلَدِ الْعَلَاءِ: إنَّ الْعَلَاءَ كَانَ عَامِلَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْبَحْرَيْنِ فَكَانَ إذَا كَتَبَ إلَيْهِ بَدَأَ بِنَفْسِهِ وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَنْ أَحْمَدَ. وَابْنُ سِيرِينَ لَمْ يُدْرِكْ الْعَلَاءَ وَابْنُ الْعَلَاءِ تَفَرَّدَ عَنْهُ ابْنُ سِيرِينَ.

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَعَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ لِغِلْمَانِهِ وَوَلَدِهِ: إذَا كَتَبْتُمْ إلَيَّ فَلَا تَبْدَءُوا بِي، وَكَانَ إذَا كَتَبَ إلَى الْأُمَرَاءِ بَدَأَ بِنَفْسِهِ، وَذَكَرَ أَبُو جَعْفَرٍ أَيْضًا أَنَّهُ كَتَبَ إلَى مُعَاوِيَةَ وَعَبْدِ الْمَلِكِ فَبَدَأَ بِهِمَا. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذْ كَتَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِنَفْسِهِ إلَّا إلَى وَالِدٍ أَوْ وَالِدَةٍ، وَإِمَامٍ يَخَافُ عُقُوبَتَهُ» وَقِيلَ لِسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ اُكْتُبْ إلَى الْمَهْدِيِّ قَالَ: إنْ كَتَبْتُ إلَيْهِ بَدَأْتُ بِنَفْسِي قِيلَ فَلَا تَكْتُبْ إلَيْهِ إذًا.

وَقَالَ الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ: مَا كَانَ أَحَدٌ أَعْظَمَ حُرْمَةً مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ أَصْحَابُهُ يَكْتُبُونَ إلَيْهِ فَيَبْدَءُونَ بِأَنْفُسِهِمْ، وَرُوِيَ أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ كَتَبَ إلَى مُعَاوِيَةَ فَبَدَأَ بِاسْمِ مُعَاوِيَةَ. وَعَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ لَا بَأْسَ أَنْ يَبْدَأَ بِالرَّجُلِ إذَا كَتَبَ إلَيْهِ، وَكَتَبَ بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ إلَى عَامِلٍ فِي حَاجَةٍ فَبَدَأَ بِاسْمِهِ فَقِيلَ لَهُ: ابْتَدَأْتَ بِاسْمِهِ فَقَالَ: لِي إلَيْهِ حَاجَةٌ، وَعَنْ ابْنِ شَوْذَبٍ قُلْتُ لِأَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ لِي إلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ حَاجَةٌ وَقَدْ أَرَدْتُ أَنْ أَكْتُبَ إلَيْهِ، قَالَ: فَابْدَأْ بِهِ، ذَكَرَ ذَلِكَ أَبُو جَعْفَرٍ وَذَكَرَ أَيْضًا أَنَّ لِأَبِي فُلَانٍ إنَّ اللَّامَ

<<  <  ج: ص:  >  >>