بِمَعْنَى إلَى، فَقَدْ قَالَ قَوْمٌ فِي مَعْنَى قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا} [الزلزلة: ٥] .
مَعْنَاهُ أَوْحَى إلَيْهَا، فَإِنْ أَعَدْتَ الْكُنْيَةَ خَفَضْتَ عَلَى الْبَدَلِ وَيَجُوزُ الرَّفْعُ عَلَى إضْمَارِ مُبْتَدَأٍ، وَالنَّصْبُ بِمَعْنَى أَعْنِي وَفِي إعَادَةِ الْكُنْيَةِ مَعْنَى التَّعْظِيمِ وَالتَّبْجِيلِ وَأَنْشَدَ سِيبَوَيْهِ:
لَا أَرَى الْمَوْتَ يَسْبِقُ الْمَوْتَ شَيْءٌ ... نَغَّصَ الْمَوْتُ ذَا الْغِنَى وَالْفَقِيرَا
فِيهِ الْأَخْبَارُ يُقَالُ وَتَتْرِيبُ الْكِتَابِ مَحْمُودٌ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ، قَالَهُ أَبُو جَعْفَرٍ، وَسَتَأْتِي فِيهِ الْأَخْبَارُ، يُقَالُ أَتْرَبْتُ الْكِتَابَ وَتَرَّبْتُهُ بِمَعْنًى، وَيُقَالُ تَرِبَ الرَّجُلُ إذَا افْتَقَرَ، وَاشْتِقَاقُهُ أَنَّهُ صَارَ إلَى التُّرَابِ وَأَتْرَبَ: اسْتَغْنَى، مَعْنَاهُ كَثُرَ مَالُهُ حَتَّى صَارَ كَالتُّرَابِ، وَأَكْثَرُ الِاسْتِعْمَالِ أَتْرَبْتُ الْكِتَابَ، فَوَافَقَ لَفْظُهُ لَفْظَ أَتْرَبَ الرَّجُلُ إذَا اسْتَغْنَى، وَيُقَالُ: أَوَّلُ مَنْ خَتَمَ الْكِتَابَ سُلَيْمَانُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَذَلِكَ مَعْنَى قَوْله تَعَالَى {إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ} [النمل: ٢٩] .
أَيْ: مَخْتُومٌ وَيُقَالُ: فُضَّ الْكِتَابُ إذَا كُسِرَ خَاتَمُهُ وَمَعْنَى الْفَضِّ فِي اللُّغَةِ التَّفْرِيقُ وَالْكَسْرُ وَمِنْهُ انْفَضَّ الْقَوْمُ وَمِنْهُ لَا يَفْضُضُ اللَّهُ فَاكَ وَإِنْ شِئْتَ لَا يَفُضُّ اللَّهُ بِالْكَسْرِ وَالْفَتْحِ وَالضَّمِّ، وَذَكَرَ بَعْضُ النَّحْوِيِّينَ أَنَّ مَعْنَى لَا يَفْضُضُ اللَّهُ فَاكَ: قَالَ: لَا يَجْعَلُهُ فَضَاءً لَا أَسْنَانَ فِيهِ لِأَنَّ الْفَضَاءَ الْمَكَانُ الْوَاسِعُ وَهَذَا غَلَطٌ فِي الِاشْتِقَاقِ لِأَنَّ لَامَ الْفِعْلِ مِنْ الْفَضَاءِ لَيْسَتْ ضَادًا وَلَامَ الْفِعْلِ مِنْ فَضَّ ضَادٌ.
وَفِي عُنْوَانِ الْكِتَابِ لُغَاتٌ أَفْصَحُهَا: عِنْوَانٌ بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَجَمْعُهَا عَنَاوِينُ وَعِلْوَانُ وَجَمْعُهَا عَلَاوِينُ وَعِنْيَانٌ وَعِينَانٌ، تَقُولُ عَنْوَنْتُ الْكِتَابَ أُعَنْوِنُهُ عَنْوَنَةً وَعَلْوَنْتُهُ وَعَنَيْتُ تَعْنِيًا وَعَنَيْتُ تَعْنِيَةً وَعَنَوْتُ الْكِتَابَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute