خَفِيفًا، وَاعْلَمْ أَنَّ لِلَّهِ تَعَالَى عَمَلًا بِاللَّيْلِ لَا يَقْبَلُهُ بِالنَّهَارِ، وَعَمَلًا بِالنَّهَارِ لَا يَقْبَلُهُ بِاللَّيْلِ، وَأَنَّهُ لَا يَقْبَلُ نَافِلَةً حَتَّى تُؤَدَّى الْفَرِيضَةُ، وَأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ ذَكَرَ أَهْلَ الْجَنَّةِ بِأَحْسَنِ أَعْمَالِهِمْ وَتَجَاوَزَ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ، فَإِذَا ذَكَرْتُهُمْ قُلْتُ إنِّي لَخَائِفٌ أَنْ لَا أَلْحَقَ بِهِمْ، وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذَكَرَ أَهْلَ النَّارِ بِأَسْوَأِ أَعْمَالِهِمْ وَرَدَّ عَلَيْهِمْ حَسَنَهَا، فَإِذَا ذَكَرْتُهُمْ قُلْتُ إنِّي لَخَائِفٌ أَنْ أَكُونَ مَعَهُمْ، وَأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ ذَكَرَ آيَةَ الرَّحْمَةِ مَعَ آيَةِ الْعَذَابِ لِيَكُونَ الْمُؤْمِنُ رَاهِبًا رَاغِبًا، لَا يَتَمَنَّى عَلَى اللَّهِ، وَلَا يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ فَإِنْ أَنْتَ حَفِظْتَ وَصِيَّتِي فَلَا يَكُونَنَّ غَائِبٌ أَحَبَّ إلَيْكَ مِنْ الْمَوْتِ وَلَسْتَ بِمُعْجِزِهِ.
كَتَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إلَى مُعَاوِيَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنْ الْزَمْ الْحَقَّ يُنْزِلْكَ الْحَقُّ فِي مَنَازِلِ أَهْلِ الْحَقِّ يَوْمَ لَا يُقْضَى إلَّا بِالْحَقِّ.
أَوَّلُ كِتَابٍ كَتَبَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي خِلَافَتِهِ: أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ فَإِنَّهُمْ مَنَعُوا الْحَقَّ حَتَّى اُشْتُرِيَ، وَبَسَطُوا الْبَاطِلَ حَتَّى اُقْتُنِيَ.
وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَنْ كَانَ عَلَى الْحَقِّ فَهُوَ جَمَاعَةٌ وَلَوْ كَانَ وَحْدَهُ وَقَالَ غَيْرُهُ: الْأَحْمَقُ يَغْضَبُ مِنْ الْحَقِّ وَالْعَاقِلُ يَغْضَبُ مِنْ الْبَاطِلِ، وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - تَكَلَّمُوا بِالْحَقِّ تُعْرَفُوا، وَاعْمَلُوا بِهِ تَكُونُوا مِنْ أَهْلِهِ.
وَقَالَ أَبُو الْعَتَاهِيَةِ:
وَلِلْحَقِّ بُرْهَانٌ وَلِلْمَوْتِ فِكْرَةٌ ... وَمُعْتَبَرٌ لِلْعَالَمِينَ قَدِيمُ
وَقَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ: - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إذَا ظَهَرَ الْبَاطِلُ عَلَى الْحَقِّ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْأَرْضِ، وَقَالَ إنَّ لُزُومَ الْحَقِّ نَجَاةٌ، وَإِنَّ قَلِيلَ الْبَاطِلِ وَكَثِيرَهُ هَلَكَةٌ وَقَالَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ لِسَلْمَانَ: - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَوْصِنِي قَالَ أَخْلِصْ الْحَقَّ يُخْلِصْكَ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَأَظُنُّ مِنْ هُنَا قَوْلُ الْقَائِلِ " أَعِزَّ الْحَقَّ يَذِلَّ لَكَ الْبَاطِلُ ".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute