للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سِيبَوَيْهِ فِي كِتَابِهِ وَتَكَلَّمَ عَلَى أَنَّ أَصْلَهُ دِوَانٌ، وَاسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِمْ فِي الْجَمْعِ دَوَاوِينُ. وَهَذَا قَوْلٌ حَسَنٌ أَبْدَلُوا مِنْ أَحَدِ الْوَاوَيْنِ يَاءً. وَنَظِيرُهُ دِينَارٌ الْأَصْلُ فِيهِ دَنَارٌ وَكَذَا قِيرَاطٌ الْأَصْلُ فِيهِ قِرَاطٌ. فَأَمَّا الْفَرَّاءُ فَيَزْعُمُ أَنَّك إذَا سَمَّيْتَ رَجُلًا بِدِيوَانٍ، وَأَنْتَ تُرِيدُ كَلَامَ الْأَعَاجِمِ لَمْ تَصْرِفْهُ، وَهَذَا عِنْدِي غَلَطٌ لِأَنَّك إذَا سَمَّيْتَ رَجُلًا دِيوَانًا عَلَى أَنَّهُ أَعْجَمِيٌّ لَمْ يَجُزْ إلَّا صَرْفُهُ؛ لِأَنَّ الْأَلِفَ وَاللَّامَ لَا يَدْخُلَانِ فِيهِ فَقَدْ صَارَ بِمَنْزِلَةِ طَاوُسٍ وَرَاقُودٍ وَمَا أَشْبَهَهُمَا، وَإِنْ جَعَلْتَهُ عَرَبِيًّا صَرَفْتَهُ أَيْضًا لِأَنَّهُ فِعَالٌ، الدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُمْ دَوَاوِينَ، وَدِيوَانَ بِالْفَتْحِ غَلَطٌ، وَلَوْ كَانَ بِالْفَتْحِ لَمْ يَجُزْ قَلْبُ الْوَاوِ يَاءً، فَإِنْ قِيلَ: الْيَاءُ أَصْلٌ قِيلَ هَذَا خَطَأٌ، وَلَوْ كَانَ كَذَا لَقِيلَ فِي الْجَمْعِ دَيَاوِينُ، فَدِيوَانٌ لَا يُقَالُ كَمَا لَا يُقَالُ دِينَارٌ وَلَا قِيرَاطٌ، وَزَعَمَ الْأَصْمَعِيُّ أَنَّ أَصْلَهُ أَعْجَمِيٌّ.

وَرَوَى أَنَّ كِسْرَى أَمَرَ الْكُتَّابَ أَنْ يَجْتَمِعُوا فِي دَارٍ فَيَعْلَمُوا حِسَابَ السَّوَادِ فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَاجْتَمَعُوا فِي الدَّارِ وَاجْتَهَدُوا فَأَشْرَفَ عَلَيْهِمْ، وَبَعْضُهُمْ يَعْقِدُ وَبَعْضُهُمْ يَكْتُبُ فَقَالَ: " إيشان ديواشد " أَيْ: هَؤُلَاءِ مَجَانِين، فَلَزِمَ مَوْضِعَ الْكِتَابَةِ هَذَا الِاسْمُ مِنْ ذَلِكَ الدَّهْرِ ثُمَّ عَرَّبَتْهُ الْعَرَبُ فَقَالَتْ: دِيوَانٌ انْتَهَى مَا ذَكَرَهُ

أَبُو جَعْفَرٍ.

قَالَ وَالدَّفْتَرُ اسْمٌ عَرَبِيٌّ لَا نَعْلَمُ لَهُ اشْتِقَاقًا، وَكَانَ أَبُو إِسْحَاقَ يَذْهَبُ إلَى أَنَّ كُلَّ اسْمٍ عَرَبِيٍّ، فَهُوَ مُشْتَقٌّ إلَّا أَنَّهُ رُبَّمَا غَابَ عَنْ الْعَالِمِ شَيْءٌ وَعَرَفَهُ غَيْرُهُ، يُقَالُ لَهُ: دَفْتَرٌ وَدَفْتَرٌ وَتَفْتُرُ ثَلَاثُ لُغَاتٍ.

وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الدَّفْتَرُ وَاحِدُ الدَّفَاتِرِ وَهِيَ الْكَرَارِيسُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَالْكُرَّاسَةُ مَعْنَاهَا الْكُتُبُ الْمَضْمُومَةُ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ، وَالْوَرَقُ الَّذِي أُلْصِقَ بَعْضُهُ إلَى بَعْضٍ مُشْتَقٌّ مِنْ قَوْلِهِمْ: رَسْمٌ مُكَرَّسٌ إذَا أَلْصَقَتْ الرِّيحُ التُّرَابَ بِهِ.

وَقَالَ الْخَلِيلُ: الْكُرَّاسَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ كُرَّاسِ الْغَنَمِ وَهُوَ أَنْ يَبُولَ فِي الْمَوْضِعِ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ فَيَتَلَبَّدَ انْتَهَى كَلَامُهُ.

وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَصْلُ الْكُرَّاسِ وَالْكَرَارِيسُ الْعِلْمُ، وَمِنْهُ قِيلَ لِصَحِيفَةٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>