أَيْ سَارَّ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ النَّهْيُ عَنْ تَنَاجِي اثْنَيْنِ بِحَضْرَةِ ثَالِثٍ وَكَذَا ثَلَاثَةٌ فَأَكْثَرَ بِحَضْرَةِ وَاحِدٍ وَهُوَ نَهْيُ تَحْرِيمٍ إذْ هُوَ الْأَصْلُ فِي النَّهْيِ فَيَحْرُمُ عَلَى الْجَمَاعَةِ الْمُنَاجَاةُ دُونَ وَاحِدٍ مِنْهُمْ إلَّا أَنْ يَأْذَنَ. وَمَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ النَّهْيَ عَامٌّ فِي كُلِّ الْأَزْمَانِ وَالْأَحْوَالِ وَفِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ.
وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إنَّمَا النَّهْيُ عَنْ الْمُنَاجَاةِ فِي السَّفَرِ دُونَ الْحَضَرِ؛ لِأَنَّ السَّفَرَ مَظِنَّةُ الْخَوْفِ وَادَّعَى بَعْضُهُمْ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مَنْسُوخٌ، وَأَنَّ هَذَا كَانَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ فَلَمَّا فَشَا الْإِسْلَامُ، وَأَمِنَ النَّاسُ سَقَطَ النَّهْيُ وَكَانَ الْمُنَافِقُونَ يَقُولُونَ ذَلِكَ بِحَضْرَةِ الْمُؤْمِنِينَ لِيُحْزِنُوهُمْ أَمَّا إذَا كَانُوا أَرْبَعَةً فَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ اثْنَيْنِ فَلَا بَأْسَ بِالْإِجْمَاعِ وَقَدْ بَيَّنَ فِي الْحَدِيثِ غَايَةَ الْمَنْعِ وَهِيَ أَنْ يَجِدَ الثَّالِثُ مَنْ يَتَحَدَّثُ مَعَهُ كَمَا نُقِلَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -. وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ يَتَحَدَّثُ مَعَ رَجُلٍ فَجَاءَ رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يُنَاجِيَهُ فَلَمْ يُنَاجِهِ حَتَّى دَعَا رَابِعًا فَقَالَ لَهُ وَلِلْأَوَّلِ تَأَخَّرْ أَوْ نَاجِي الرَّجُلَ الطَّالِبَ لِلْمُنَاجَاةِ
رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ وَفِيهِ أَيْضًا التَّنْبِيهُ عَلَى التَّعْلِيلِ بِقَوْلِهِ مِنْ أَجْلِ أَنْ يُحْزِنَهُ أَيْ يَقَعَ فِي نَفْسِهِ مَا يَحْزَنُ لِأَجْلِهِ كَأَنْ يُقَدِّرَ فِي نَفْسِهِ أَنَّ الْحَدِيثَ عَنْهُ بِمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute