وقال أيضًا:"ونفس اللفظ والتلاوة والقراءة والكتابة ونحو ذلك لما كان يُراد به المصدر الذي هو حركات العباد وما يحدث عنها من أصواتهم وشكل المداد.
ويراد به نفس الكلام الذي يقرؤه التالي ويتلوه ويلفظ به ويكتبه، منع أحمد وغيره من إطلاق النفي والإثبات الذي يقتضي جعل صفات الله مخلوقة، أو جعل صفات العباد ومدادهم غير مخلوق.
وقال أحمد: نقول: القرآن كلام الله غير مخلوق حيث تصرف، أي حيث تُلي وكتب وقرئ مما هو في نفس الأمر كلام الله، فهو كلامه، وكلامه غير مخلوق.
وما كان من صفات العباد وأفعالهم التي يقرؤون ويكتبون بها كلامه كأصواتهم ومدادهم فهو مخلوق، ولهذا من لم يهتد إلى هذا الفرق يحار؛ فإنه معلوم أن القرآن واحد، ويقرؤه خلق كثير، والقرآن لا يكثر في نفسه بكثرة قراءة القراء، وإنما يكثر ما يقرؤون به القرآن، فما يكثر ويحدث في العباد فهو مخلوق، والقرآن نفسه لفظه ومعناه الذي تكلم الله به، وسمعه جبريل من الله، وسمعه محمد من جبريل، وبلغه محمد إلى الناس وأنذر به الأمم، لقوله تعالى:{لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ}[الأنعام:١٩] قرآن واحد، وهو كلام الله ليس بمخلوق" (١).