للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالسلف والأئمة كانوا يعلمون أنّ هذا القرآن المنزل المسموع من القارئين كلام الله، كما قال تعالى {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} [التوبة:٦]، ليس هو كلاماً لغيره، لا لفظه ولا معناه، ولكن بلّغه عن الله جبريل، وبلّغه محمد رسول الله عن جبريل، ولهذا أضافه الله إلى كل من الرسولين، لأنه بلّغه وأداه، لا لأنه أحدث لا لفظه ولا معناه، إذ لو كان أحدهما هو الذي أحدث ذلك لم يصح إضافة الإحداث إلى الآخر، فقال تعالى {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (٤٠) وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ (٤١) وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (٤٢) تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الحاقة:٤٠ - ٤٣]، فهذا محمد - صلى الله عليه وسلم -. وقال تعالى {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (١٩) ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ (٢٠) مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ} [التكوير:١٩ - ٢١]، فهذا جبريل - عليه السلام -.

وقد توعد الله تعالى من قال {إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ} [المدثر:٢٥]، فمن قال: إن هذا القرآن قول البشر فقد كفر، وقال بقول الوحيد الذي أوعده الله سقر، ومن قال: إن شيئاً منه قول البشر فقد قال ببعض قوله، ومن قال: إنه ليس بقول رسول كريم، وإنما هو قول شاعر أو مجنون أو مفتر، أو قال: هو قول شيطان نزل به عليه ونحو ذلك، فهو أيضاً كافر ملعون.

<<  <   >  >>