للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال أيضًا: "فإنك تنقل من المصحف مائة مصحف وذاك الأول لا يتحول في نفسه ولا يتغير، وتلقّن القرآن ألف نفس وما في صدرك باق بهيئته لا يفصل عنك ولا يغير، وذاك لأن المكتوب واحد والكتابة تعددت، والذي في صدرك واحد وما في صدور المقرئين وهو عين ما في صدرك سواء، والمتلو وإن تعدد التالون به واحد، مع كونه سورا وآيات وأجزاء متعددة، وهو كلام الله ووحيه وتنزيله وإنشاؤه، ليس هو بكلامنا أصلاً.

نعم وتكلمنا به وتلاوتنا له ونطقنا به من أفعالنا، وكذلك كتابتنا له وأصواتنا به من أعمالنا قال الله - عز وجل - {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} [الصافات:٩٦]، فالقرآن المتلو مع قطع النظر عن أعمالنا كلام الله ليس بمخلوق، وهذا إنما يحصله الذهن، وأما في الخارج فلا يتأتى وجود القرآن إلا من تال أو في مصحف" (١).

وقال الحافظ ابن القيم: "فإنك إذا قلت: في هذا الكتاب كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أو كلام الشافعي وأحمد، فإنّ كل أحد يفهم المراد بذلك، ولا يتوقف فهمه على حذف وإضمار، كما لا يذهب وهمه إلى أن صفة المتكلم والقول القائم به -الصوت واللفظ المسموع منه- فارق ذاته، وانفصل من محله، وانتقل إلى محل آخر" (٢).


(١) المصدر السابق (ص: ١٩٢).
(٢) مختصر الصواعق المرسلة (١/ ٥٢٠).

<<  <   >  >>