للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإنّ القرآن لم ينزل على أحد قبل محمد لا لفظه ولا جميع معانيه، ولكن أنزل الله ذكره والخبر عنه، كما أنزل ذكر محمد والخبر عنه، فذِكْرُ القرآن في زبر الأولين كما أنّ ذِكْر محمد في زبر الأولين، وهو مكتوب عندهم في التوراة والإنجيل.

فالله ورسوله معلوم بالقلوب، مذكور بالألسن، مكتوب في المصحف، كما أن القرآن معلوم لمن قبلنا، مذكور لهم، مكتوب عندهم، وإنما ذاك ذكره والخبر عنه.

وأما نحن فنفس القرآن أُنزل إلينا، ونفس القرآن مكتوب في مصاحفنا، كما أن نفس القرآن في الكتاب المكنون، وهو في الصحف المطهرة.

ولهذا يجب الفرق بين قوله تعالى: {وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ} [القمر:٥٢]، وبين قوله تعالى: {وَالطُّورِ (١) وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ (٢) فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ} [الطور:١ - ٣] فإنّ الأعمال في الزبر كالرسول وكالقرآن في زبر الأولين.

وأما " الكتاب المسطور في الرق المنشور فهو كما يكتب الكلام نفسه والصحيفة، فأين هذا من هذا؟!

وذلك أن كل شيء فله أربع مراتب في الوجود: وجود في الأعيان، ووجود في الأذهان، ووجود في اللسان، ووجود في البنان. وجود عيني وعلمي ولفظي ورسمي ...

<<  <   >  >>