للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإذا كان كذلك فالقرآن كلام، والكلام له المرتبة الثالثة ليس بينه وبين الورق مرتبة أخرى متوسطة، بل نفس الكلام يثبت في الكتاب كما قال الله تعالى: {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (٧٧) فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ} [الواقعة:٧٧ - ٧٨]، وقال تعالى: {بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ (٢١) فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ} [البروج:٢١ - ٢٢] ...

وأما الرب سبحانه أو رسوله أو غير ذلك من الأعيان فإنما في الصحف اسمه، وهو من الكلام، ولهذا قال: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ} [الأعراف:١٥٧] وإنما في التوراة كتابته وذكره وصفته واسمه، وهي المرتبة الرابعة منه.

فكيف يجوز تشبيه كون القرآن أو الكلام في الصحف أو الورق، بكون الله أو رسوله أو السماء أو الأرض في الصحف أو الورق؟! ولو قال قائل: الله أو رسوله في الصحف أو الورق لأُنكر ذلك، إلا مع قرائن تبين المراد" (١).

وقال الحافظ ابن القيم: "فكون الرب تعالى، وأسمائه وصفاته في الكتاب، غير كون كلامه في الكتاب، فهذا شيء وهذا شيء وهذا شيء.

فكونه في الكتاب هو اسمه وأسماء صفاته والخبر عنه، وهو نظير كون القيامة والجنة والنار والصراط والميزان في الكتاب، إنما ذلك أسماؤها والخبر عنها.


(١) مجموع الفتاوى (١٢/ ٣٨٣ - ٣٨٦).

<<  <   >  >>