وقال أيضًا في الجواب عمن حلف بالطلاق الثلاث أنّ القرآن صوت وحرف: "إن كان مقصود هذا الحالف أن أصوات العباد بالقرآن والمداد الذي يكتب به حروف القرآن قديمة أزلية: فقد حنث في يمينه. وما علمت أحدًا من الناس يقول ذلك، وإن كان قد يكره تجريد الكلام في المداد الذي في المصحف وفي صوت العبد لئلا يتذرع بذلك إلى القول بخلق القرآن.
ومن الناس من تكلم في صوت العبد وإن كنا نعلم أن الذي نقرؤه هو كلام الله حقيقة لا كلام غيره، وأن الذي بين اللوحين هو كلام الله حقيقة، لكن ما علمتُ أحدًا حَكَمَ على مجموع المداد المكتوب به وصوت العبد بالقرآن بأنه قديم.
ولكن الذين في قلوبهم زيغ من أهل الأهواء لا يفهمون من كلام الله وكلام رسوله وكلام السابقين الأولين والتابعين لهم بإحسان في باب صفات الله إلا المعاني التي تليق بالخلق لا بالخالق، ثم يريدون تحريف الكلم عن مواضعه في كلام الله وكلام رسوله إذا وجدوا ذلك فيها، وإن وجدوه في كلام التابعين للسلف افتروا الكذب عليهم ونقلوا عنهم بحسب الفهم الباطل الذي فهموه، أو زادوا عليهم في الألفاظ وغيّروها قدرًا ووصفًا كما نسمع من ألسنتهم ونرى في كتبهم.