للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال أيضًا: "وهو [أي: الكلام الأزلي] صفة قديمة منافية للسكوت والآفة، ... وهذا الكلام اللفظي الحادث المؤلف من الأصوات والحروف القائمة بمحالها يُسمّى كلام الله تعالى والقرآن على معنى أنه عبارة عن ذلك المعنى القديم" (١).

وقال أيضًا: "المشهور في كلام الأصحاب أن ليس إطلاق كلام الله تعالى على هذا المنتظم من الحروف المسموعة إلا بمعنى أنه دال على كلامه القديم حتى لو كان مخترع هذه الألفاظ غير الله تعالى لكان هذا الإطلاق بحاله، لكن المرضي عندنا أنّ له اختصاصا آخر بالله وهو أنه أخبر عنه بأنه أوجد أولاً الأشكال في اللوح المحفوظ؛ لقوله تعالى: {بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ (٢١) فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ} [البروج:٢١ - ٢٢]، أو الأصوات في لسان المَلَك؛ لقوله تعالى: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ} [الحاقة:٤٠]، الآية، أو لسان النبي؛ لقوله تعالى: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (١٩٣) عَلَى قَلْبِكَ} [الشعراء:١٩٣ - ١٩٤].

وما يقال إنّ كلام الله تعالى ليس قائمًا بلسان أو قلب، ولا حالاً في مصحف أو لوح فيراد به الكلام الحقيقي الذي هو الصفة الأزلية، ومنعوا من القول بحلول كلامه في لسان أو قلب أو مصحف وإن كان المراد هو اللفظي؛ رعاية للتأدب واحترازًا عن ذهاب الوهم إلى الحقيقي الأزلي" (٢).


(١) شرح التلويح على التوضيح (١/ ٤٩) مكتبة صبيح بمصر.
(٢) شرح المقاصد في علم الكلام (٢/ ١٠٣).

<<  <   >  >>