لأن الشيخ أبا داود ذكر في كتابه:«التنزيل» كل ما في كتاب «المقنع» وزاد عليه حروفا كثيرة. قال الشيخ ابن عاشر:«إن جملة المرسوم التي اشتمل عليها التنزيل أكثر من جملة المرسوم التي اشتمل عليها المقنع والعقيلة»(١).
ثم إن كتاب «التنزيل» وذيله يتسم بالشمول والتوسع وإضافة بعض المباحث المتعلقة بعلوم القرآن، وكل ما يحتاجه نساخ المصاحف كالقراءات وعد الآي والأجزاء والأحزاب والخمس والعشر والمكي والمدني. الأمر الذي خلا منه كتاب «المقنع» للداني.
ويتسم التنزيل بمنهجه الفريد الذي رتبه على ترتيب المصحف الشريف واستقصى فيه كل حروف القرآن فضلا عن بعض التوجيهات والتعليلات.
فاستوعب الرسم استيعابا لا مثيل له عند غيره، فتلقاه الناس بالرضا والقبول، ونال إعجاب كتّاب المصاحف، فجرى العمل في رسم المصاحف بما قرره واختاره في كتابه.
ثم إن لأبي داود مذهبا في الرسم دافع عنه وانتصر له، وخالف فيه غيره، فهو بحق لا يدانيه أي كتاب آخر، ولا تصح مقارنته.
قال الشيخ الإمام المقرئ سيدي محمد بن صالح بن ملوكة التونسي، بعد أن تعرض للمقارنة بين كتاب المقنع والعقيلة والتنزيل، قال: «وإن تنزيل أبي داود قد زاد على الجميع، فهو خلاصة الخلاصة لما اشتمل عليه من زيادة المسائل، وكمال التحرير، فكلامه [الخراز] صريح في أن كتاب
(١) انظر: فتح المنان ورقة ١٥، التبيان ورقة ٦٧، دليل الحيران ٢٨.