يقول سيد قطب: «وبعض هذه الشبهات ناشىء عن التباس فكرة الدين ذاته بمن يسمون في هذا العصر: رجال الدين، وهو التباس مؤذ للإسلام، ولصورته في نفوس الناس، فهؤلاء الـ (رجال الدين) ، أبعد خلق الله عن أن يمثلوا فكرته، ويرسموا صورته، لا بثقافتهم ولا بسلوكهم، ولا حتى بزيهم وهيئتهم، ولكن الجهل بحقيقة هذا الدين، والثقافة المدرسية الباقية من عهد الاحتلال، والتي ما يزال يشرف عليها الرجال الذين صنعهم الاحتلال، والأدوات التنفيذية التي صاغها بيده لتسد مسده بعد رحيله، هذا الجهل الناشئ عن تلك الثقافة لا يدع للناس صورة عن الإسلام يرونها إلا في هؤلاء الذين يعرفونهم:(رجال الدين) ، وهي أسوأ صورة ممكنة للإسلام ولأي دين من الأديان» (١) .
ويقول سيد -أيضاً-: «وبعد؛ فليطمئن المخلصون من المفكرين، ورجال الفنون، ومن إليهم؛ أن حكم الإسلام لن يسلمهم إلى المشانق والسجون، ولن يكبت أفكارهم، ويحطم أقلامهم، وينبذهم من حمايته ورعايته، ولا يأخذوا الصيحات التافهة التي يصيحها اليوم: رجال الدين المحترفون في وجه بعض الكتب، وبعض الأفكار حجة!! فإنما هذه الصيحات تجارة رابحة اليوم، وحرفة كاسبة؛ لأنهم يعيشون في عهد الإقطاع الذي يقيمهم حراساً لمظالمه وجرائمه، ولكي يبرروا وجودهم في أعين الجماهير؛ يطلقون هذه الصيحات الفارغة بين الحين والحين، فأمّا حين يكون الحكم للإسلام؛ فلن يبقى لهؤلاء عمل، فسيكونون مجندين لعمل منتج نافع، هم وبقية المتعطلين المتمسكعين من كبار الملاك، ورجال الأموال، ومن الموظفين، والمستخدمين في الدواوين، ومن أحلاس المقاهي والمواخير والحانات، ومن المشردين في الشوارع والطرقات، أو المصطلين للشمس حول الأجران ... وكلهم في التبطل والتسكع سواء، بعضهم: كاره مضطر،