فيكون طولَه مئةٌ وستون فرسخاً، فطوله أكثر من طول العراق، فطول العراق ثمانون فرسخاً، ويقصر من طول السواد خمسة وثلاثون فرسخاً.
قال صاحب «المراصد» : وهذا التفاوت كأنه غلط، ولعله أن يكون بينهما خمسون فرسخاً أو أكثر. وعرض العراق هو عرض السواد، لا يختلف، وذلك ثمانون فرسخاً. انتهى.
و (أرض العنوة) ؛ أي: إيقافُ الأرضِ التي أُخِذَت قهراً لا صُلْحاً، يقال: عَنَا يعنو عنوة: إذا أَخَذ الشيء قهراً.
قال الحافظ ابن القيم: إن الأرض لا تَدخُل في الغنائم، والإمام مخيّرٌ فيها بحسب المصلحة، وقد قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وترك، وعمر لم يقسم، بل أقرها على حالها، وضرب عليها خراجاً مستمرّاً في رقبتها تكون للمقاتلة، فهذا معنى وقفها، ليس معناه الوقف الذي يمنع من نقل الملك في الرقبة، بل يجوز بيع هذه الأرض؛ كما هو عمل الأمة. وقد أجمعوا على أنها تورَثُ، والوقف لا يورَث. وقد نصّ الإمامُ أحمدُ على أنها يجوز أن يُجعلَ صداقاً، والوقف لا يجوز أن يكون مهراً، ولأنّ الوقف إنما امتنع بيعُه ونقلُ الملك في رقبته؛ لما في ذلك من إبطال حقّ البطون الموقوف عليهم من منفعته، والمقاتِلَةِ حقَّهم في خراج الأرض، فمن اشتراها صارت عنده خراجية كما كانت عند البائع سواء، فلا يبطل حقّ أحدٍ المسلمين بهذا البيع، كما لم يبطل بالميراث والهبة والصداق. انتهى مختصراً.
وأما وجه استدلال أبي داود بهذا الحديث على ما ترجم به (١) من (إيقاف سواد الأرض) ؛ فبأن النبي صلى الله عليه وسلم قد علم أن الصحابة يفتتحون تلك البلاد، ويضعون الخراج على أرضهم، ويقفونها على المقاتلة والمجاهدين،
(١) معنى تَرجمَتِه: أي: تركُ قسمَتِها بين الغانِمين، وإبقائُها لمصالح المسلمين، وما ينوب الإمام من النوائب والحاجات، كذا في «بذل المجهود» (١٣/٣٧٣) .