وظفرتُ به في «المحلى»(٥/٢٤٧-٢٤٨) -أيضاً-، أورده تحت مسألة (٦٤٢) عند تقريره عدم الزكاة في بعض أنواع الأطعمة، ثم قال:
«وأما إسقاطهم الزكاة عما أصيب في أرض الخراج من بُر وتمر وشعير؛ ففاحش جدّاً، وعظيم من القول، وإسقاط للزكاة المفتَرَضة» . وأخذَ في عَرْضِ أدلة هؤلاء، ومن بين ما استدلوا به هذا الحديث، قال:
«وموّه بعضهم بأن ذكر ما قد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله ... » ، وساق هذا الحديث، قال:«قالوا: فأخبر -عليه السلام- بما يجب في هذه الأرَضين، ولم يخبر أنّ فيها زكاةً، ولو كان فيها زكاةٌ لأخبر بها» . ورد عليهم بقوله:
«مثل هذا ليس لإيراده وجهٌ إلا ليَحمَد الله -تعالى- من سمعه على خلاصه من عظيم ما ابتلوا به من المجاهرة بالباطل، ومعارضة الحق بأغثّ ما يكون من الكلام! وليت شعري! في أي معقول وجدوا أنّ كل شريعة لم تذكر في هذا الحديث فهي ساقطة؟ وهل يقول هذا من له نصيب من التمييز؟ وهل بين من أسقط الزكاة -لأنها لم تذكر في هذا الخبر- فرقٌ وبين من أسقط الصيام لأنه لم يذكر في هذا الخبر، ومن أسقط الصلاةَ والحجَّ لأنهما لم يذكرا في هذا الخبر؟» . ثم قال مؤكّداً المعنى نفسه:
«وحتى لو صح لهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قصد بهذا الخبر ذكرَ ما يجب في هذه الأرضين -ومعاذَ الله من أنْ يصحَّ هذا فهو الكذب البحت على رسول الله صلى الله عليه وسلم-؛ لما كان في ذلك إسقاطُ سائر حقوق الله -تعالى- عن أهلها، وليس في الدنيا حديثٌ انتظمَ ذكرَ جميع الشرائع أولها عن آخرها، نعم ولا سورة -أيضاً-» . ثم قال شارحاً لهذا الحديث بما ينفعنا من ذكر (نبوءته) صلى الله عليه وسلم:
«وإنما قصد -عليه السلام- في هذا الحديث الإنذارَ بخلاءِ أيدي المفتتحين لهذه البلاد من أخذِ طعامها ودراهمها ودنانيرها فقط، وقد ظهر ما