للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخطأ جعفر بن مسافر -وفيه كلام (١) -، فقلب متنه، فجعل المسلمين هم الذين يسوقون الترك ثلاث مرات!

وهذه مخالفة لابن مسافر، خالف فيه معاذ (٢) بن نجدة، وهو «صالح الحال، قد تكلم فيه» (٣) ، ولكنه جوّده. ووافقت روايته رواية سائر من نقله عن بشير، وهم ثلاثة عدا خلاد، وهذه أمارات لائحة على مخالفة ابن مسافر، والقلْبُ (٤) يقع للثقات، إذ الحفظ قد يخون، وقد يسبق اللسان، فينطق بما لا يريده صاحبه، كما هو معلوم.

قال صاحب «عون المعبود» (١١/٤١٤) : «فانظر إلى سياق أحمد كيف خالف سياق أبي داود، مخالفة بينة لا يظهر وجه الجمع بينهما. وبوب القرطبي في «التذكرة» بلفظ (باب في سياق الترك للمسلمين وسياقة المسلمين لهم) (٥) ثم أورد فيه رواية أحمد ورواية أبي داود، المذكورتين، وإني لست أدري ما مراده


(١) قال النسائي: صالح، وقال أبو حاتم في «الجرح والتعديل» (٢/٤٩١ رقم ٢٠١٠) : شيخ، وذكره ابن حبان في «الثقات» (٨/١٦١) ، وقال: «كتب عن ابن عيينة، ربما أخطأ» ، اقتصر المزي في «تهذيب الكمال» (٥/١١٠ رقم ٩٥٥) على هذه الأقوال، وزاد مُغلطاي في «إكمال تهذيب الكمال» (٣/٢٣٢ رقم ١٠٠٦) على أن مسلمة بن قاسم وثقه، قال: «وخرج ابن حبان حديثه في «صحيحه» وكذلك الحاكم» ، قلت: وقال الذهبي في «الكاشف» (١/١٨٦) : «صدوق» ، وقال ابن حجر في «التقريب» (ص ١٤١/رقم ٩٥٧) : «صدوق ربما أخطأ» .
(٢) من رجال الحاكم، له في «المستدرك» عدة روايات، وتحرف اسمه في بعضها (١/٤٩٢) إلى «معاوية» ! فليصحح.
(٣) قاله الذهبي في «الميزان» (٤/١٣٣ رقم ٨٦١٤) ، واقتصر على ما فيه صاحبُ «رجال الحاكم في المستدرك» (٢/٣٢٦ رقم ١٦١٢) .
(٤) إذ جعل (المسلمين) بدل (الترك) ، فقلب معنى الحديث رأساً على عقِب، ويا ليت الذي قاله يصح، لاسترحنا من تدوين هذه السطور، فما دفعني إليها إلا الشفقة والتحذير، وحتى يعلم كلّ منا أين يضع قدمه، ويحفّز همته على الثبات عند اشتداد الفتن، ويجمّع قواه النفسيّة على ملاقاتها، ويقوّي إيمانه -بإذن ربه- حتى تمر (الأعاصير) دون أن تنال منه، والله الواقي والهادي.
(٥) (٢/٤٢٨ - ط. دار البخاري) .

<<  <  ج: ص:  >  >>