للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«قد عرفت من هنا أن زيادة لفظة (من) (١) ، لا تعرف في شيء من طرق الحديث، ولعلها من أغلاط المؤلف (٢) ، ولا يستبعد ذلك منه، فإنه كثيراً ما يغلط في نقل الروايات؛ لأنه ليس من أهل هذا الشأن، وهذا الحديث لا شك في صحته، وقد وردت في هذا المعنى أحاديث صحيحة أخرى» .

وقال (ص ٤٩٦) : «أقول: كون الشيخ محمد بن عبد الوهاب وأتباعه مصداق تلك الأحاديث ... محل نظر» .

وذكر (ص ٤٩٨-٤٩٩) بعض كلام الشراح المتقدم؛ ككلام الخطابي والقسطلاني، وقال على إثره داحضاً الكذبة المذكورة: «ولا يخفى عليك أن لفظاً من ألفاظ هذا الحديث لا يقتضي أنّ كل من يولد في المشرق أو يسكن فيه، يكون مصداقاً لهذا الحديث، حتى يثبت ما ادّعاه المؤلف من كون الشيخ -يريد: الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب- مصداقاً له، والمؤلف لم يبيّن وجه الاستدلال به، حتى يتكلم فيه، ويجاب عليه. ومجرد وقوع الفتنة في موضع لا يستلزم ذم كل من يسكنه» .

ثم أورد أحاديث فيها وصول الفتنة إلى المدينة، ثم قال (ص ٥٠٠) :

«وهذه الأحاديث وغيرها مما ورد في هذا الباب دالة على وقع الفتن في المدينة النبوية، فلو كان وقوع الفتن في موضع مستلزماً لذم ساكنيه، لزم ذم سكان المدينة كلهم أجمعين، وهذا لا يقول به أحد، على أن مكة والمدينة كانتا في زمن موضع الشرك والكفر، وأي فتنة أكبر منهما، بل وما من بلد أو قرية إلا وقد كانت في زمن أو ستصير في زمان موضع الفتنة (٣) ، فكيف


(١) يريد: دحلان (أحمد زيني) (ت ١٣٠٤هـ) ، حيث أورد الحديث هكذا: «الفتنة من ههنا» ، وصوابه -كما قدمناه-: «الفتنة ههنا، من حيث يطلع ... » ، وفرق كبير في المعنى بينهما!
(٢) يريد: دحلان.
(٣) سيأتيك هذا مفصلاً (ص ٣٥٧) تحت عنوان (فصل في وصول الشر والفتن آخر الزمان كل مكان) .

<<  <  ج: ص:  >  >>