قال علي القاري في «شرحه الفقه الأكبر» (ص ١٢٣) : «إن الأنبياء لم يعلموا المغيبات من الأشياء إلا ما أعلمهم الله أحيانا، وذكر الحنفية تصريحاً بالتكفير باعتقاد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - يعلم الغيب لمعارضته قوله -تعالى-: {قُل لاَ يَعلَمُ مَن في السّماوات والأرض الغيبَ إلا الله} [النمل: ٦٥] » . وفي «عون المعبود» (١١/٣٠٦) : «وبالجملة لا يجوز أن يقال لأحد إنه يعلم الغيب. نعم الإخبار بالغيب بتعليم الله -تعالى- جائز، وطريق هذا التعليم إما الوحي أو الإلهام عند من يجعله طريقاً إلى علم الغيب» . وفيه: «وفي «البحر الرائق» : لو تزوج بشهادة الله ورسوله لا ينعقد النكاح، ويكفر لاعتقاده أن النبي - صلى الله عليه وسلم - يعلم الغيب» .
قلت: إذا كان هذا في حق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فما بالك بالأوباش الذين تعدوا على علم الغيب، وخاضوا فيما لا يعلمون ولا يحسنون، وزعموا أن النصر على اليهود سيكون في وقت كذا، وخروج المهدي أو الدجال في وقت كذا، وهكذا! وانظر: «تفسير المنار» (٩/٣٩١-٣٩٢) . (٢) كانت -بداية- خاصة بحديث: «منعت العراق ... » ، ثم رأيت أن مقتضى الفهم الصحيح للحديث: جمع ما ورد عن العراق من أحاديث وآثار، فكانت بهذه الصورة التي بين يدي القراء الكرام، وللحديث المذكور نصيب كبير فيها: تخريجاً وشرحاً، مع ذكر تبويبات العلماء عليه، واستخراجهم فوائده الفقهية والعلمية، بل خصصت فوائده المستنبطة بفصل مفرد، والله الموفّق.