للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والآخر: قوله عقب التكرار: «شهد على ذلك لحم أبي هريرة ودمه» .

معناه: صدّق بهذا الحديث، وشهد بصدقه كل جزء في أبي هريرة، وهذا يستلزم بأن هذا الحديث حق في نفسه، ولا بد من وقوعه (١) .

و «هذا توثيق منه -رضي الله عنه- في أن الحديث سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم بلا شك، ولا شبهة طارئة عليه» (٢) .

ومن الجدير بالذكر أن هذا الحديث ليس في ألفاظه إلا «منعت العراق ... » ، ولا يستفاد بأبي دلالة من الدلالات المعتبرة منه وقوع (الحصار) ، وإن كان الواقع من جهة، والعقل السليم من جهة أخرى يستلزم من (منع) العراق خيراتها لأهلها، أن يكون ذلك من خلال قوة ضاغطة عليها، تحول دون ذلك، وقد يبتدئ ذلك بـ (الحصار) ، وينتهي بـ (الاحتلال) ، ويساعد على الثاني:

ما أخرجه ابن النجار (٣) -كما في «كنز العمال» (١١/٢٣٢ رقم ٣١٣٤٨) - عن حذيفة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كأنكم براكبٍ قد أتاكم، فنزل، فقال: الأرض أرضُنا، والمصر مصرُنا، والفيء فيئنا، وإنما أنتم عبيدُنا، فحال بين الأرامل واليتامى وما أفاء الله عليهم» .

وفي هذا الحديث ذكر لـ (مصر) ، وقد جاءهم (الراكب) -على فرض


(١) «المفهم» (٧/٢٣٠) .
(٢) «السراج الوهاج» (١١/٣٦٩) .
(٣) لم أقف على إسناده لأحكم عليه، ولكن ما سقناه يشهد لعموم معناه.
ثم وقفتُ عليه مسنداً عند الحاكم في «المستدرك» (٤/٤٤٥) ، وأبي نعيم في «الحلية» (١/٢٧٥) بسندٍ صحيح عن حذيفة قوله، وله حكم الرفع، ولفظه: «كأني براكب قد نزل بين أظهركم حال بين اليتامى والأرامل وبين ما أفاء الله على آبائهم، فقال: المال لنا» . وصححه الحاكم ووافقه الذهبي. والخطاب فيه لأهل الكوفة، وتأمل قوله: «ما أفاء الله على آبائهم» ، وما سيرد في كلام ابن القيم الآتي، والله الهادي.

<<  <  ج: ص:  >  >>