للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد فصل أبو العباس القرطبي (١) قليلاً، فقال: «أي: رجعتم على الحالة الأولى التي كنتم عليها من فساد الأمر، وافتراق الكلمة، وغلبة الأهواء، وذهاب الدين» .

«وحاصل معناه: أن الإسلام بدأ في قلة من العَدد والعُدد، وسيعود إلى تلك الحالة في آخر الزمان» (٢) .

وقال الشوكاني: «أي: رجعتم إلى الكفر بعد الإسلام» (٣) .

وقال صديق حسن خان بعد كلام النووي السابق:

«وهذا -أيضاً- قد وجد على الوجه الأتم، وبلغت «غربة الإسلام» إلى أن لم يبق في أيديه حلٌّ ولا عقد، وصار أهله كالعبيد والأسراء في أيدي الروم (٤) ،

كما كانت حال «بني إسرائيل» عند فرعون مصر، والناس ينتظرون ظهور المهدي ونزول عيسى -عليهما السلام-، ولعل الله يحدث بعد ذلك


(١) في «المفهم» (٧/٢٣٠) .
(٢) «تكملة فتح الملهم» (٦/٢٩٢) .
(٣) «نيل الأوطار» (٥/١٦٤) ، ومثله في «عون المعبود» (٨/٢٨٢) و «بستان الأحبار» (٢/٤٣٧) ، وانفرد المباركفوري في «منية المنعم» (٤/٣٥١) بقوله: «وعدتم من حيث بدأتم» ؛ أي: تبقون عالة على أنفسكم، لا يرسل إليكم خيرات أي بلد، كما كنتم في بداية أمركم» .
(٤) إلى الله -وحده- المشتكى من غربة الإسلام، وحال المسلمين، وطمع الكافرين، وغفلة المسؤولين! قال ابن حزم في «الرد على ابن النغريلة اليهودي» (٢/٤١-٤٢ - ضمن «رسائله» ) :

«اللهم! إنا نشكو إليك تشاغل أهل الممالك من أهل ملتنا بدنياهم عن إقامة دينهم، وبعمارة قصور يتركونها عما قريب عن عمارة شريعتهم اللازمة لهم في معادهم، ودار قرارهم، وبجمع أموال ربما كانت سبباً إلى انقراض أعمارهم، وعوناً لأعدائهم عليهم، وعن حياطة ملتهم التي بها عزوا في عاجلتهم، وبها يرجون الفوز في آجلتهم؛ حتى استشرف لذلك أهلُ القِلَّة والذمة، وانطلقت ألسنة أهل الكفر والشرك بما لو حقق النظر أربابُ الدنيا لاهتموا بذلك ضعف همنا؛ لأنهم مشاركون لنا فيما يلزم الجميع من الامتعاض للديانة الزهراء، والحمية للملة الغراء، ثم هم متردون بما يؤول إليه إهمال هذا الحال من فساد سياستهم، والقدح في رئاستهم، فللأسباب أسباب، وللمداخل إلى البلاء أبوابٌ» .

<<  <  ج: ص:  >  >>