للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونقل حنبل عن أحمد، قال: إذا لم يكن للرجل حرمة، فالسّاحل والرباط أعظم للأجر، يردُّ عن المسلمين، والشام بلد مبارك.

ونقل أبو داود (١) عن أحمد أنه قيل له: هذه الأحاديث التي جاءت: «إن الله تكفل لي بالشام وأهله» ونحو هذا؟ قال: ما أكثر ما جاء في هذا! قيل له: فلعله في الثغور (٢) ؟ قال: لا. وقال: أرض بيت المقدس أين هي؟ «ولا يزال أهل الغرب ظاهرين على الحق» ؛ هم أهل الشام.

ونقل يعقوب بن بُخْتان، قال: سمعت أبا عبد الله -يعني: أحمد- يقول: كنت آمر بحمل الحريم إلى الشام، فأما اليوم فلا.

ونقل مُهَنّا وبَكر بن محمد وأبو الحارث عن أحمد نحوه، وزاد في روايتهما: قال: لأنّ الأمر قد اقترب.

زاد مُهنّا: قال: أخاف على الذّريّة من العدو.

وقال جعفر بن محمد: سألت أبا عبد الله عن الحُرمة: قلت: دمشق؟ فأعجبه ذلك، وأحسبه قال: نعم.

ونقل حنبل: قيل لأبي عبد الله: فأين أحبُّ إليك أن ينزل الرجل بأهله، وينتقل؟ قال: كلُّ مدينةٍ معقلٌ للمسلمين؛ مثل دمشق.


(١) في «مسائل أحمد» (ص ٢٢٨ - ط. محمد رشيد رضا) .
(٢) المراد بالثغور: أطراف البلاد الإسلامية المواجهة لدار الحرب، المعرّضة للغزو في كل وقت، فالواجب أن يقيم بها المرابطون المستعدون للدفاع عنها، دون النساء والأطفال الذين يُخشى عليهم السبي، ودليل ذلك: ما أخرجه عبد الرزاق (٥/١٦٢ رقم ٩٢٥٠) ، وأبو عبيد في «غريب الحديث» (٣/٣٢٥) بسند حسن عن عمر، قال: «فرِّقوا عن المنيّة، واجعلوا الرأس رأسين، ولا تُلِثُّوا بدار معجزة، وأصلحوا مثاويكم، وأخيفوا الهوامَّ قبل أنْ تخيفكم» .
والشاهد منه: قوله: «ولا تلِثُّوا -وتحرف في مطبوع «المصنف» إلى: «تلبثوا» ! فليصحح- والإلثاث: الإقامة، قال أبو عبيد: أراد الإقامة بالثغور مع العيال، يقول: ليس هذا بموضع ذريّة، فهذا هو الإلثاث بدار معجزة» .

<<  <  ج: ص:  >  >>