للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهكذا المهدي؛ فإنه لا ينصره أناس خاملون، ولا يخرج إلى قوم قاعدين، وإنما له تباشير وتقادير وفق سنن الله -عز وجل- في التغيير.

ويعجبني بهذا الصّدد قول بعضهم (١) :

«لقد تبين لنا أن اليهود والنصارى ينطلقون من خلال نبوءاتهم التي دخلها كثير من التحريف إلى وضع تصوراتٍ عمليةٍ لما يمكن أن تدار على أساسه الصراعات، وإلى بذل الوسع من أجل الوصول إلى أهدافٍ دينيةٍ تَسَلُّطِيَّةٍ على العالم، ولم يمنعهم الاقتناع ذهنيّاً بهذه الأمور من الانصراف ... -أيضاً- إلى بناء الحضارة، وتوسيع العمران، وزيادة الإعداد والاستعداد للمستقبل، فماذا أقول؟! أأقول إنهم يفهمون الروح المقصودة من التدين أكثر منا وهم على غير دين صحيح، أأقول إنهم إلى جانب فهمهم للدنيا، وكيفية التعامل معها يفهمون؛ وهم على ضلال أن ما يجيء به الدين هو قضايا من صُلْب الحياة، وصميم الواقع؟!!

إن اليهود والنصارى بين أيديهم أخبارٌ غير موثوقة، وتفسيراتٌ غير مأمونة، وعقائدُ مضطربةٌ تزيدها التأويلاتُ اضطراباً، واختلافاتٌ فيما بينهم في الأصول والفروع، يستحيل معها الجمع بين الأقوال، ومع كل ذلك فهم جعلوا هذه الأخبار، وتلك النبوءات، مناراً يسيرون على ضوئه خلال أحقاب طويلة؛ ففي مسيرة اليهود خلال الألفي سنة الخالية لم تكن تدفعهم إلا نبوءات «العهد القديم» ، ولم تَستَحثَّ آمالهم إلا أخبار الأنبياء السابقين، ولم تستنهض هممهم إلا أمانٍ بعيدة في العودة، والعلو، والسيطرة.

وفي المقابل نرى من بعض قومنا مَن إذا أخذ بأخبار من الدين عن المستقبل فإنه يجعلها سدّاً أمام الحركة، وعائقاً في وجه التقدم، ويتخذ منها وسادة وثيرة ينام عليها، أو أريكة وطيئة يقتعدها» .


(١) هو الأستاذ عبد العزيز مصطفى في كتابه «قبل أن يهدم الأقصى» (ص ٢٤٧-٢٤٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>