للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمة خمس فتن ... » وذكر الأخيرة، وقال: «ثم تجيء فتنة سوداء مظلمة؛ فيصير الناس فيها كالبهائم» .

ووصف حذيفة فيما ثبت عنه (١) هذه الفتنة بأنها: (دهماء مجلّلة) ؛ فهي سوداء مظلمة، تدهم الناس جميعاً، يعتريها غموض وخفاء، فكأنّها غُطّت وجُلِّلت، من أشخص إليها، وتعجّل أحداثها، أذهبت عقله، ونسفته نسفاً.

أخرج عبد الرزاق في «المصنف» (١١/٣٥٩ رقم ٢٠٧٤٠) ، ومن طريقه نعيم بن حماد في «الفتن» (١/١٤٠، ١٧٧ رقم ٣٤٣، ٤٧٢) والطبراني، وعنه أبو نعيم في «الحلية» (١/٢٧٣) ، والحاكم (٤/٤٤٨) : أخبرنا معمر، عن أبي إسحاق، عن عُمارة بن عُمير (٢) ، عن حذيفة، قال:

«إيّاكم والفتن؛ لا يشخص إليها أحد، فوالله ما شخص فيها أحد إلاّ نسفته، كما ينسف السيل الدمن، إنها مشبهة مقبلة، حتى يقول الجاهل: هذه تشبه ... ، وتبين مدبرة» .

وهذا إسناد رجاله ثقات، وأبو إسحاق هو عمرو بن عبد الله السبيعي، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.

فالفتنة: مظلمة، ودهماء، مجلّلة، مشبهة، مقبلة، تجعل الناس كالبهائم، والجاهل من الناس من يتعرض لإسقاط هذا النوع من الفتن على الأحداث، فتُشَبَّه عليه عند إقبالها بالذي يجري، وعند إدبارها تبين على حقيقتها! والسعيد


(١) وتقدم تخريجه (ص ٥٣٩) .
(٢) تحرّف في مطبوع «الحلية» إلى «عمارة بن عبد الله» ، وصوابه المثبت، وهو كوفي ثقة، قال عنه أحمد: «ثقة وزيادة، يُسأل عن مثل هذا؟!» ، ووثقه ابن معين، وأبو حاتم، والنسائي، وترجمه ابن حبان في «ثقاته» (٥/٢٤٣) ، وابن شاهين في «ثقاته» (٨٩١) ، ومات سنة اثنتين وثمانين، فأدرك حذيفة المتوفى سنة ٣٦هـ. وانظر ترجمته في: «تهذيب الكمال» (٢١/٢٥٦) ، و «إكمال تهذيب الكمال» (١٠/٢٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>