وهذا القول أعدل الأقوال في التوفيق بين الحديثين وإيضاحه أن أحاديث النقض بالمس عامة تشمل ما إذا كان المس بشهوة وبدون شهوة، وأما حديث طلق فالظاهر أنه محمول على عدم الشهوة للتسوية بينه وبين باقي أعضاء الجسم وإنما يتميز عنها بالشهوة.
وعلى ذلك فالحديثان لا يتعارضان فيما إذا كان المس بشهوة بل يجب الوضوء من مس الفرج بشهوة، ويتعارضان فيما إذا كان المس بدون شهوة وحديث طلق فيه الترخيص لترك الوضوء من مسه، فيستفاد بذلك أن الأمر بالوضوء في حديث بسرة وغيرها غير مشدد فيه، فيكون للإستحباب.
مسألة - من نواقض الوضوء لمس بشرة الذكر لأنثى أو الأنثى الذكر لشهوة من غير حائل ولو كان الملموس ميتا أو عجوزا أو مَحْرَما.
ومما يدل على ذلك قوله تعالى:{أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا}[النساء: ٤٣]، [المائدة: ٦].
وقد اختلف الصحابة رضي الله عنهم في المراد من اللمس في الآية فروي عن علي وابن عباس أن المراد به الجماع، وروي عن عمر وابنه وابن مسعود أن المراد اللمس باليد.
والقول الأول هو الأصح لما رواه أحمد وغيره عن عائشة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم:" قبل بعض نسائه، ثم خرج إلى الصلاة، ولم يتوضأ ".
ولما رواه الشيخان عن عائشة، قالت:«كنت أنام بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجلاي في قبلته فإذا سجد غمزني فقبضت رجلي، وإذا قام بسطتهما».
ولما رواه مسلم عن عائشة، قالت: فقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة من الفراش فالتمسته فوقعت يدي على بطن قدميه وهو في المسجد وهما منصوبتان وهو يقول: «اللهم أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك».
فهذه الأحاديث وغيرها تدل على أن المقصود باللمس في الآية: الجماع، وأن لمس المرأة للرجل أو العكس لا ينقض الوضوء، وإن كان لشهوة لما ورد في