• وهذه المسألة أحد صور مسألة الاستحالة، قال المرداوي في "الإنصاف"(١/ ٣١٨): (قوله (ولا يطهر شيء من النجاسات بالاستحالة، ولا بنار أيضا إلا الخمرة)، هذا المذهب بلا ريب، وعليه جماهير الأصحاب، ونصروه).
• والاستحالة معناها التحول من حالة إلى حالة كتحول الدم والصديد واللحم في الميتة إلى تراب وكتحول الروث النجس إلى رماد، والميتة التي تسقط في أرض ملح فتصير ملحا، وهكذا.
• والمذهب أن الاستحالة غير مطهرة إلا في الخمرة كما سيأتي، ومما يستدلون به على ذلك حديث الجلالة والنهي عن أكلها وعن شرب ألبانها.
وهو حجة عليهم فأكل النجاسة أحال الطيب إلى خبيث، كما أنهم يقولون أنها إن حبست ثلاثة أيام طهرت، والسبب في ذلك الاستحالة أيضا.
• والراجح أن الاستحالة مطهرة وأن النجاسة إذا تحولت بالنار إلى رماد فإنها تطهر.
قال تقي الدين في "مجموع الفتاوي"(٢١/ ٧٠): (وأما دخان النجاسة فهذا مبنى على أصل وهو أن العين النجسة الخبيثة إذا استحالت حتى صارت طيبة كغيرها من الأعيان الطيبة مثل أن يصير ما يقع في الملاحة من دم وميتة وخنزير ملحا طيبا كغيرها من الملح أو يصير الوقود رمادا وخرسفا وقصرملا ونحو ذلك ففيه للعلماء قولان أحدهما لا يطهر كقول الشافعى وهو أحد القولين في مذهب مالك وهو المشهور عن أصحاب أحمد وإحدى الروايتين عنه والرواية الأخرى أنه طاهر وهذا مذهب أبى حنيفة ومالك في أحد القولين وأحدى الروايتين عن أحمد ومذهب أهل الظاهر وغيرهم أنها تطهر وهذا هو الصواب المقطوع به فان هذه الأعيان لم تتناولها نصوص التحريم لا لفظا ولا معنى فليست محرمه ولا في معنى المحرم فلا وجه لتحريمها بل تتناولها نصوص الحل فإنها من الطيبات وهى أيضا في معنى ما اتفق على حله فالنص والقياس يقتضى تحليلها وأيضا فقد اتفقوا كلهم على الخمر إذا صارت خلا بفعل الله تعالى صارت حلالا طيبا واستحالة هذه الأعيان أعظم من استحالة الخمر والذين فرقوا بينهما قالوا الخمر نجست بالاستحالة فطهرت