والقيد الأول تحرزا من الماء المتغير في محل تطهير النجاسة فهو طهور على الصحيح في المذهب، وذلك لأن الماء في محل التطهير هو الذي يرد على النجاسة لا أن النجاسة تقع فيه.
[مسألة - من الماء النجس ما وقعت فيه نجاسة وهو قليل:]
والمذهب به روايتان في نجاسة هذا الماء الرواية المقدمة والتي عليها جماهير الأصحاب الحكم بنجاسة الماء القليل بمجرد ملاقاة النجاسة وإن لم يتغير، والرواية الثانية لا ينجس إلا يتغير أحد أوصافه اختارها ابن عقيل والشيخ تقي الدين وغيرهما.
• ومن أدلة من قال بنجاسته:
حديث القلتين: عن ابن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه سلم وهو يسأل عن الماء يكون في الفلاة من الأرض، وما ينو به من السباع والدواب فقال:"إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث".
ووجه الاستدلال بحديث القلتين: اعتبار مفهوم المخالفة فيه وذلك بأن الماء القليل، وهو ما دون القلتين تؤثر فيه النجاسة، ولأنه ولقلته قد تبقى النجاسة فيه فيفضي استعماله إلى استعمالها.
مناقشة الاستدلال: ويجاب عن ذلك بأن هذا الجواب من النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما جاء جوابا لسؤال، وهذا مانع من اعتبار مفهوم المخالفة، ويكون معنى الحديث أن هذا الماء الذي تسألون عنه قد وصل من الكثرة لحد لا يحمل الخبث بل يستحيل فيه الخبث لكثرته.
كما أن قوله -صلى الله عليه وسلم-: (لا يحمل الخبث) يدل على أنه مدار التنجيس على حمل الماء للخبث.
• واستدلوا أيضا بحديث النهي عن البول في الماء الدائم:
والنهي ليس من أجل تنجيسه بمجرد البول، وإنما النهي لعلل وهي:
١ - سد للذريعة؛ لأن الإذن بالبول فيه قد يفضي إلى تنجيسه من كثرة توارد من يبول فيه.