للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الباطن فلم يجب بتنقله فيه طهارة كالريح المتنقلة من المعدة إلى قريب المخرج لا توجب وضوءا إلا بعد خروجها.

وعلى ذلك فالأقوى أن الجنابة لا تسمى جنابة إلا إذا فارقت البدن كله وجانبته، أما وقد فارق موضعه إلى موضع آخر من البدن نفسه فليس بجنب.

استدل البعض على أن الغسل لا يكون إلا بعد ظهور الماء، وأن مجرد الانتقال لا يوجب غسلا بما رواه الشيخان عن أم سلمة، قالت: جاءت أم سُلَيْمٍ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إن الله لا يستحيي من الحق، فهل على المرأة من غسل إذا احتلمت؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا رأت الماء».

والاستدلال بهذا الحديث هنا فيه نظر؛ فإنه خارج محل النزاع لأن الكلام فيه عن الإحتلام، وبيَّن فيه النبي صلى الله عليه وسلم أنها إذا احتلمت ولم تر الماء فلا غسل عليها، ومسألتنا في إيجاب الغسل بإنتقال المني مع الشهوة وهذا لا يكون إلا في اليقظة.

وأما الاستدلال بمنطوق الحديث الذي رواه مسلم من حديث أبي سعيد الخدري، قال: قال عِتْبَانُ: يا رسول الله، أرأيت الرجل يُعْجَلُ عن امرأته ولم يُمْنِ، ماذا عليه؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما الماء من الماء» ففيه نظر أيضا، فإن منطوقه يفيد إيجاب الغسل بخروج المني، ولكن نفي إيجاب الغسل بمجرد الإنتقال إنما يستفاد من مفهوم المخالفة الذي مفاده أنه إن لم ينزل فلا غسل عليه، وهذا المفهوم جاء مصرحا به في حديث علي رضي الله عنه السابق، وهو أقوى دلالة في محل النزاع من غيره ولذلك اقتصرت عليه، وعموم هذا المفهوم نسخ نسخا جزئيا بإيجاب الغسل من مجرد إلتقاء الختانين وإن لم ينزل وبقي مثبتا في غيره من الحالات التي ليس فيها إنزال فلا يوجب غسلا.

[المسألة الثانية - من أحس بانتقال الماء فحبسه فلم يخرج ثم أغتسل لذلك، ثم خرج الماء بلا لذة لم يعد الغسل.]

قال الشيخ العثيمين في "الشرح الممتع" (١/ ٣٣٧): (أي: إذا اغتسل لهذا الذي انتقل ثم خرج مع الحركة، فإنه لا يعيد الغسل، والدليل:

<<  <   >  >>