الصيام تطول، فيشق الخروج منه؛ لما فيه من الجمع بين فرضين شاقين، بخلاف مسألتنا.
وقولهم: إنه غير قادر غير صحيح فإن الماء قريب، وآلته صحيحة، والموانع منتفية، وقولهم: إنه منهي عن إبطال الصلاة. قلنا: لا يحتاج إلى إبطال الصلاة، بل هي تبطل بزوال الطهارة، كما في نظائرها. فإذا ثبت هذا، فمتى خرج فتوضأ لزمه استئناف الصلاة. وقيل: فيه وجه آخر، أنه يبنى على ما مضى منها، والصحيح أنه لا يبني؛ لأن الطهارة شرط، وقد فاتت ببطلان التيمم، فلا يجوز بقاء الصلاة مع فوات شرطها، ولا يجوز بقاء ما مضى صحيحا مع خروجه منها قبل إتمامها).
[مسألة - إذا انقضت صلاته بالتيمم ثم وجد الماء لم تجب الإعادة.]
لأنه أدي الصلاة بطهارة صحيحة فأجزأت. نعم وجدان الماء أبطل التيمم، ولكنه بعد انقضاء الصلاة، فبطلان التيمم بعد العبادة كبطلان الوضوء بعد فعلها، فتبقى العبادة صحيحة ويكون الوضوء منتقضاً.
قال ابن قدامة في "المغني"(١/ ١٧٩): (لأنه أدى فرضه كما أمر، فلم يلزمه الإعادة، كما لو وجده بعد الوقت؛ ولأن عدم الماء عذر معتاد، فإذا تيمم معه يجب أن يسقط فرض الصلاة كالمرض؛ ولأنه أسقط فرض الصلاة، فلم يعد إلى ذمته، كما لو وجده بعد الوقت).
الأدلة - ومما يدل على صحة الصحة وإجزائها:
- ما رواه أبو داود وغيره من طريق عبد الله بن نافع، عن الليث بن سعد، عن بكر بن سوادة، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري قال: خرج رجلان في سفر، فحضرت الصلاة وليس معهما ماء، فتيمما صعيدا طيبا فصليا، ثم وجدا الماء في الوقت، فأعاد أحدهما الصلاة والوضوء ولم يعد الآخر، ثم أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرا ذلك له فقال للذي لم يعد:«أصبت السنة، وأجزأتك صلاتك».