ثلاثا ثلاثا، ثم مسح برأسه، ثم غسل رجليه»، ثم قال:«هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ»، ثم قرأ شيئا من القرآن، ثم قال: هذا لمن ليس بجنب فأما الجنب فلا، ولا آية).
وأما الحائض فلم يصح في منعها من القراءة حديث وإنما ذهبوا لمنعها من القراءة قياسا على الجنب والقياس هنا مع الفارق فالحيض زمنه أطول من الجنابة، مما قد يعرضها للنسيان، وقد اختار تقي الدين جواز قراءه الحائض للقرآن فقال في "مجموع الفتاوى"(٢١/ ٤٦٠): (معلوم أن النساء كن يحضن على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يكن ينهاهن عن قراءة القرآن. كما لم يكن ينهاهن عن الذكر والدعاء بل أمر الحيض أن يخرجن يوم العيد فيكبرون بتكبير المسلمين. وأمر الحائض أن تقضي المناسك كلها إلا الطواف بالبيت: تلبي وهي حائض وكذلك بمزدلفة ومنى وغير ذلك من المشاعر. وأما الجنب فلم يأمره أن يشهد العيد ولا يصلي ولا أن يقضي شيئا من المناسك: لأن الجنب يمكنه أن يتطهر فلا عذر له في ترك الطهارة بخلاف الحائض فإن حدثها قائم لا يمكنها مع ذلك التطهر. ولهذا ذكر العلماء ليس للجنب أن يقف بعرفة ومزدلفة ومنى حتى يطهر وإن كانت الطهارة ليست شرطا في ذلك. لكن المقصود أن الشارع أمر الحائض أمر إيجاب أو استحباب بذكر الله ودعائه مع كراهة ذلك للجنب. فعلم أن الحائض يرخص لها فيما لا يرخص للجنب فيه؛ لأجل العذر. وإن كانت عدتها أغلظ فكذلك قراءة القرآن لم ينهها الشارع عن ذلك. وإن قيل: إنه نهى الجنب لأن الجنب يمكنه أن يتطهر ويقرأ بخلاف الحائض؛ تبقى حائضا أياما فيفوتها قراءة القرآن تفويت عبادة تحتاج إليها مع عجزها عن الطهارة ... ).
[مسألة - يحرم على من عليه غسل اللبث في المسجد بلا وضوء.]
قال ابن ضويان في "المنار"(١/ ٣٧): (لقوله تعالى: {وَلاَ جُنُبًا إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ}[النساء: ٤٣] وهو الطريق، ولقوله صلى الله عليه وسلم:"لا أحل المسجد لحائض ولا جنب" رواه أبو داود، فإن توضأ الجنب جاز له اللبث فيه، لما روى سعيد بن منصور والأثرم عن عطاء بن يسار قال: رأيت رجالاً من أصحاب رسول