ولذا أجمع العلماء على جواز أكل القديد من الحوت مع أن الله خص اللحم الطري منه في قوله:{وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا}[النحل: ١٤]؛ لأنه ذكر اللحم الطري في معرض الامتنان، فلا مفهوم مخالفة له، فيجوز أكل القديد مما في البحر.
الثاني: أن مفهوم التربة مفهوم لقب، وهو لا يعتبر عند جماهير العلماء، وهو الحق كما هو معلوم في الأصول.
الثالث: أن التربة فرد من أفراد الصعيد؛ وذكر بعض أفراد العام بحكم العام لا يكون مخصصا له عند الجمهور، سواء ذكرا في نص واحد كقوله تعالى:{حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى}[البقرة: ٢٣٨]، أو ذكرا في نصين كحديث:«أيما إهاب دبغ فقد طهر»، عند أحمد، ومسلم، وابن ماجه، والترمذي، وغيرهم، مع حديث:«هلا انتفعتم بجلدها»، يعني شاة ميتة عند الشيخين، كلاهما من حديث ابن عباس، فذكر الصلاة الوسطى في الأول، وجلد الشاة في الأخير لا يقتضي أن غيرهما من الصلوات في الأول، ومن الجلود في الثاني ليس كذلك، قال في «مراقي السعود» عاطفا على ما لا يخصص به العموم:
وذكر ما وافقه من مفرد ... ومذهب الراوي على المعتمد).
[مسألة - من شروط التيمم أن يكون بتراب طهور مباح.]
قال الرحيباني في "مطالب أولى النهى"(١/ ٢٠٨): (لا يصح تيممه بتراب (طاهر، وهو: ما تيمم به) جماعة فلا يصح؛ لأنه صار مستعملا، (لا) إن تيمموا (منه) - أي: التراب - كما لو توضئوا من حوض كبير. (أو) أي: ولا يصح التيمم بتراب (نجس) يقينا (فلو تيمم بتراب على ظهر كلب لم يصح) تيممه (إن علم التصاقه) - أي: التراب - (برطوبة) وإلا يعلم التصاقه برطوبة صح؛ لأنه تراب طهور. (أو) أي: ولا يصح التيمم (ب) تراب (مغصوب ونحوه) كمسروق، لاشتراط الإباحة، (وفي " الفروع ": ظاهره: ولو تراب مسجد، والمراد) من تراب المسجد: التراب (الداخل في وقفه)، كتراب سطحه وأرضه وحيطانه، (لا ما يجتمع من نحو ريح) فيصح التيمم به؛ لأنه أجنبي من المسجد، ثم قال:(ولعل هذا الظاهر غير مراد، فإنه لا يكره) التيمم (بتراب زمزم مع أنه مسجد)، قاله في الرعاية.