للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن قدامة في "المغني" (١/ ٢٤٥): (قال: (فإن انقطع دمها، فلا توطأ حتى تغتسل) وجملته أن وطء الحائض قبل الغسل حرام، وإن انقطع دمها في قول أكثر أهل العلم. قال ابن المنذر: هذا كالإجماع منهم. وقال أحمد بن محمد المروذي: لا أعلم في هذا خلافا. وقال أبو حنيفة: إن انقطع الدم لأكثر الحيض، حل وطؤها، وإن انقطع لدون ذلك، لم يبح حتى تغتسل، أو تتيمم، أو يمضي عليها وقت صلاة؛ لأن وجوب الغسل لا يمنع من الوطء كالجنابة.

ولنا، قول الله تعالى: {ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله} [البقرة: ٢٢٢]. يعني إذا اغتسلن. هكذا فسره ابن عباس؛ ولأن الله تعالى قال في الآية: {ويحب المتطهرين} [البقرة: ٢٢٢]. فأثنى عليهم، فيدل على أنه فعل منهم أثنى عليهم به، وفعلهم هو الاغتسال دون انقطاع الدم، فشرط لإباحة الوطء شرطين: انقطاع الدم، والاغتسال، فلا يباح إلا بهما؛ ولأنها ممنوعة من الصلاة لحدث الحيض، فلم يبح وطؤها كما لو انقطع لأقل الحيض. وما ذكروه من المعنى منقوض بما إذا انقطع لأقل الحيض؛ ولأن حدث الحيض آكد من حدث الجنابة، فلا يصح قياسه عليه).

[تنبيه - هل عليه كفارة إن وطأ قبل أن تغتسل:]

الصحيح من المذهب أنه لا كفارة عليه وهو الراجح، قال المرداوي في "الإنصاف" (١/ ٣٥٢): (لو وطئها بعد انقطاع الدم وقبل غسلها: فلا كفارة عليه على الصحيح من المذهب. وعليه الجمهور).

إشكال والجواب عنه:

(روى أبو داود وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما بإسناد حسن أنه قال: «إذا أصابها في أول الدم فدينار، وإذا أصابها في انقطاع الدم فنصف دينار» وقوله: (في انقطاع الدم) يحتمل أمورا وحمله الشيخ الحمد على آخر الدم.

قال الحمد في "شرح الزاد": (وعن الإمام أحمد - وقد يقال إن هذا مذهب ابن عباس وقتادة -: أنه إذا جامعها في أول الدم وعند فورانه فإنه يتصدق بدينار.

وأما إذا جامعها عند تقطعه قبل انقطاعه فعليه نصف دينار - وهي رواية عن الإمام أحمد -.

<<  <   >  >>