[فائدة - هل يشترط استيعاب مسح الوجه بالتراب ولا يسقط إلا المضمضة والاستنشاق، وما تحت الشعور وإن كانت خفيفة:]
قال ابن قدامة في"المغني"(١/ ١٨٦): (لا خلاف في وجوب مسح الوجه والكفين؛ لقول الله تعالى:{فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ}[المائدة: ٦] ويجب مسح جميعه، واستيعاب ما يأتي عليه الماء منها، لا يسقط منها إلا المضمضة والاستنشاق، وما تحت الشعور الخفيفة، وبهذا قال الشافعي. وقال سليمان بن داود: يجزئه إن لم يصب إلا بعض وجهه وبعض كفيه. ولنا قوله تعالى:{فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} والباء زائدة، فصار كأنه قال: فامسحوا وجوهكم وأيديكم منه. فيجب تعميمهما، كما يجب تعميمهما بالغسل؛ لقوله:{فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ}).
وقال ابن رجب في "الفتح"(٢/ ٢٤٥): (وحكى ابن المنذر، عن سليمان بن داود الهاشمي: أن مسح التيمم حكمه حكم مسح الرأس في الوضوء يجزئ فيه البعض. وكلام الإمام أحمد يدل على حكاية الإجماع على خلاف ذلك، قال: الجوزجاني: ثنا إسماعيل بن سعيد الشالنجي، قال: سألت أحمد بن حنبل عمن ترك مسح بعض وجهه في التيمم؟ قال: يعيد الصلاة. فقلت له: فما بال الرأس يجزئ في المسح ولم يجز أن يترك ذلك من الوجه في التيمم؟ فقال: لم يبلغنا أن أحدا ترك ذَلكَ من تيممه).
وما فهمه ابن رجب من كلام الإمام أحمد من أنه إجماع على بطلان من ترك مسح بعض الوجه متعقب بوقوع الخلاف.
قال ابن رجب في "الفتح"(٢/ ٢٤٦): (قَالَ الشالنجي: وقال أبو أيوب -يعني: سليمان بن داود الهاشمي -: يجزئه في التيمم أن لم يصب بعض وجهه أو بعض كفيه؛ لأنه بمنزلة المسح على الرأس؛ إذا ترك منه بعضا أجزأه. قال الْجُوزَجَاني: فذكرت ذلك ليحيى بن يحيى ـ يعني: النيسابوري ـ، فقال: المسح في التيمم كما يمسح الرأس، لا يتعمد لترك شئ من ذلك، فإن بقي شئ منه لم يعد، وليس هو عندي بمنزلة الوضوء) وكل من سليمان بن داود، ويحيى بن يحيى مات قبل أحمد.