والثاني: اعتبار انفرادها بالاستعمال سواء شوهدت أم لا.
الراجح هو اعتبار انفرادها بالاستعمال سواء شوهدت أم لا؛ وذلك لأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال (وليغترفا جميعاً) فدل بمنطوقه على الجواز فيما إن شاركها زوجها، وبمفهومه على عدم الجواز إن لم يكن معها زوجها يعترف معها وسيأتي الكلام تفصيليا على هذا الحديث بإذن الله.
[مسألة: الماء الذي خلت به المرأة المكلفة لطهارة كاملة عن حدث يرفع حدث الأنثى ولا يرفع حدث الرجل البالغ ولا الخنثى المشكل.]
[فائدة: لماذا لا يرفع حدث الخنثى؟]
رجح أنه هذا الماء الذي خلت به المرأة لا يرفع حدث الخنثى فرجح جانب الحظر وذلك احتياطا للعبادة لاحتمال أن يكون رجلا.
إذن الراجح في المذهب أن هذا الماء يجوز استعماله في شتى أنواع الاستعمال للرجل والمرأة غير أنه لا يزيل حدث الرجل الأصغر أو الأكبر وكذلك الخنثى ويرفع حدث الأنثى والصبي وعلة المنع تعبدية.
ومن الأدلة على منع تطهر الرجل بفضل طهور المرأة ما رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي وغيرهم - وصححه الشيخ الألباني - عنِ الْحَكَمِ بْنِ عَمْرٍو وَهُوَ الْأَقْرَعُ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يَتَوَضَّأَ الرَّجُلُ بِفَضْلِ طَهُورِ الْمَرْأَةِ».
ويستدل للجواز بما رواه مسلم في "صحيحه"(١/ ٢٥٧)(٣٢٣) عن ابْنُ جُرَيْجٍ، قال أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، قَالَ: أَكْبَرُ عِلْمِي، وَالَّذِي يَخْطِرُ عَلَى بَالِي أَنَّ أَبَا الشَّعْثَاءِ، أَخْبَرَنِي أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، أَخْبَرَهُ:«أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَغْتَسِلُ بِفَضْلِ مَيْمُونَةَ».
الترجيح:
وقد سلك العلماء عدة مسالك في الجمع والترجيح بين هذه الأحاديث، وأولاها حمل النهي على للتنزيه وقرينة الصرف أحاديث الجواز، والحديث الذي ذكرته في أدلة الجواز ترد على من جمع بأن النهي محمول على الخلوة.