والمقصود هنا التيامن في غسل سائر بدنه، وقد سبق وأن رجحنا أنه لا يستحب تثليث غسل البدن، وعليه فيمكن الجمع بين التيامن والغسل بمرة واحدة أن يبدأ الإفراغ على جسده من ناحية اليمين حتى ينتهي بالشمال.
[فائدة:]
الظاهر أنه لا يكتفى في تغسيل الميت بإفراغ الماء مرة واحدة على جسده، وذلك لتعذر تعميم جسد الميت بالماء بغسلة واحدة لكون ظهره يكون ملاصقا للمغسلة فلابد من تكرار تقليبه لكل ناحية حتى يعم الماء جسده، وهذا يستلزم تكرار مرات إفراغ الماء على جسد الميت في كل مرة من الثلاث أو الخمس، أو ما زاد على ذلك، وفي هذه الحالة يتوجه قوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه الشيخان عن أم عطية رضي الله عنها قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم لهن في غسل ابنته: «ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها».
[مسألة - من سنن الاغتسال الموالاة.]
قال المرداوي في "الإنصاف"(١/ ٢٥٧): (ظاهر كلام المصنف: أنه لا يشترط الموالاة في الغسل، وهو صحيح، وهو المذهب. وعليه أكثر الأصحاب كالترتيب ... ثم قال: فائدة: إذا فاتت الموالاة في الغسل أو الوضوء وقلنا بعدم الوجوب فلابد للإتمام من نية مستأنفة).
الراجح وجوب الموالاة، وهو فعل النبي صلى الله عليه وسلم فلم ينقل عنه في حديث صحيح أنه فرق غسله وهذا بيان مجمل القرآن. إلا احتمالا في القدمين وسيأتي توجيهه قريبا بإذن الله.
ومما يدل أيضا على وجوب الموالاة أن الغسل المجزئ هو تعميم البدن بنية رفع الحدث، والبدن جميعه يقوم مقام العضو الواحد فكيف يصح تفريق غسله وإنما قال الجمهور بجواز التفريق لورود بعض الأحاديث الضعيفة ومنها:
ما رواه أحمد وابن ماجه وعبد بن حميد غيرهم عن ابن عباس، قال:" اغتسل رسول الله صلى الله عليه وسلم من جنابة فرأى لمعة على منكبه لم يصبها الماء، قال: فعصر شعره عليها ومسحها به ". وهذا إسناد ضعيف جدا فيه أبو على الرحبي قال عنه ابن حجر:"متروك"، وله شواهد ضعيفة لا تصلح للتقوي. كما