ومما استدلوا به على تحريم الطواف على المحدث ما رواه أحمد وغيره عن رجل، أدرك النبي صلى الله عليه وسلم قال:«الطواف بالبيت صلاة، فأقلوا من الكلام».
وهذا من أقوى أدلتهم وقد روى موقوفا ومرفوعا عن ابن عباس وجزم البعض أنه هو المبهم في الرواية السابقة، وقد رجح بعض العلماء رواية الوقف وبعضهم وراية الرفع، ونوقش بأننا إذا نظرنا إلى الطواف وجدناه يخالف الصلاة في غالب الأحكام غير الكلام، فيجوز فيه الأكل، والشرب، ولا يجب فيه تكبير ولا تسليم، ولا قراءة، ولا يبطل بالفعل ونحوه، مما يدل على أنه ليس مقصود الحديث تشبيهه بالصلاة في هيئتها أو شروطها وأركانها، وإنما المقصود بيان أن الطواف بدل عن صلاة تحية المسجد بالنسبة للبيت الحرام.
واستدلوا بما رواه الشيخان عن عروة بن الزبير فقال: قد حج النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبرتني عائشة رضي الله عنها:«أنه أول شيء بدأ به حين قدم أنه توضأ، ثم طاف بالبيت».
ونوقش بأنه مجرد فعل لا يدل على الوجوب وغايته الاستحباب.
واستدلوا بما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه منع الحائض من الطواف بالبيت حتى تطهر.
ونوقش أن هذا في الحدث الأكبر وكلامنا في الأصغر، وإنما منع الحائض من الطواف لأنه لا يحل لها اللبث في المسجد.
الترجيح:
الراجح هو القول بالاستحباب وأما الشرطية فلا دليل عليها وهو قول عند الحنابلة واختاره تقي الدين.
[مسألة - يحرم على المحدث مس المصحف ببشرته بلا حائل.]
قال المرداوي في "الإنصاف"(١/ ٢٢٣): (أما مس المصحف: فالصحيح من المذهب: أنه يحرم مس كتابته وجلده وحواشيه، لشمول اسم المصحف له بدليل البيع).