وقال الرحيباني في "مطالب أولي النهى"(١/ ٢٢٧): ((و) يجزئ (في نحو)(صخرة وأجرنة) صغار مبنية أو كبيرة مطلقا. قاله في الرعاية " وأحواض وحيطان وأرض تنجست بمائع (أو) بنجاسة (ذات جرم أزيل) ذلك الجرم (عنها ولو من كلب أو خنزير مكاثرتها بماء حتى يذهب لون نجاسة وريحها)).
• والدليل على ما ذهب إليه الماتن ما رواه البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قام أعرابي فبال في المسجد، فتناوله الناس، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم:«دعوه وهريقوا على بوله سجلا من ماء، أو ذنوبا من ماء».
[مسألة - لا تطهر الأرض بالشمس والريح والجفاف.]
واستدلوا على ذلك بحديث بول الأعرابي السابق، ومرادهم أنه لو كانت تطهر بالجفاف، أو بالريح لما أمر النبي بصب الماء عليها.
ونوقش بأنه صلى الله عليه وسلم أستعجل التطهير لكونه مسجدا، كما أنه ليس في الحديث ما يدل على نفي الطهارة بالجفاف، أو بالريح.
الترجيح:
الراجح أن الأرض تطهر بالشمس، بالريح، أو بالجفاف، وذلك لأن المقصود من التطهير إزالة عين النجاسة وأثرها، فبزوالها يزول حكمها، وهذا حاصل بالشمس والريح.
قال ابن القيم في "إغاثة اللهفان" (١/ ١٥٠): (قال أبو البركات بن تيمية: "وهذا كله يقوى طهارة الأرض بالجفاف، لأن الإنسان في العادة لا يزال يشاهد النجاسات في بقعة من طرقاته التي يكثر فيها تردده إلى سوقه ومسجده وغيرهما، فلو لم تطهر إذا أذهب الجفاف أثرها للزمه تجنب ما شاهده من بقاع النجاسات بعد ذهاب أثرها، ولما جاز له التحفى بعد ذلك، وقد علم أن السلف الصالح لم يحترزوا من ذلك. ويعضده أمره عليه الصلاة والسلام بمسح النعلين بالأرض لمن أتى المسجد ورأى فيهما خبثاً، ولو تنجست الأرض بذلك نجاسة لا تطهر بالجفاف لأمر بصيانة طريق المسجد عن ذلك، لأنه يسلكه الحافى وغيره". قلت: وهذا اختيار شيخنا رحمه الله).