بالاستحالة بخلاف الدم والميتة ولحم الخنزير وهذا الفرق ضعيف فان جميع النجاسات نجست أيضا بالاستحالة فإن الدم مستحيل عن أعيان طاهرة وكذلك العذرة والبول والحيوان النجس مستحيل عن مادة طاهرة مخلوقة وأيضا فإن الله تعالى حرم الخبائث لما قام بها من وصف الخبث كما أنه أباح الطيبات لما قام بها من وصف الطيب وهذه الأعيان المتنازع فيها ليس فيها شيء من وصف الخبث وإنما فيها وصف الطيب فإذا عرف هذا فعلى أصح القولين فالدخان والبخار المستحيل عن النجاسة طاهر لأنه أجزاء هوائية ونارية ومائية وليس فيه شيء من وصف الخبث).
مسألة - تطهر الخمرة بإنائها إذا انقلبت خلاً بنفسها.
قال المرداوي في "الإنصاف"(١/ ٣١٩): (الصحيح من المذهب: أن الخمرة إذا انقلبت بنفسها تطهر مطلقا، نص عليه. وعليه الجمهور).
ثم قال:(اعلم أن الخمرة يحرم تخليلها على الصحيح من المذهب. وعليه الأصحاب ... فعلى المذهب: لو خالف وفعل: لم تطهر على الصحيح من المذهب. وعليه جماهير الأصحاب، ونص عليه).
قوله:(بإنائها) أي أن شرط التخلل المطهر إذا كان بلا نقل من زق لزق، ولم يكتف به للدلالة على تخللها بنفسها فأكده بقوله:(بنفسها) وذلك لأنها قد تتخلل قصدا وهي في إنائها كما لو كشف الزق فتخللت بشمس أو بظل.
قال المرداوي:(وعلى المذهب أيضا: لو خللت بنقلها من الشمس إلى الظل، أو بالعكس، أو فرغ من محل إلى محل آخر، أو ألقى جامدا فيها: ففيه وجهان. إحداهما: لا تطهر، وهو المذهب).
الأدلة:
والراجح أن الخمر إذا تخللت بنفسها، فإنها تطهر باتفاق الأئمة كما قال تقي الدين في "الفتاوى الكبرى"(١/ ٤٤١): (لو انقلبت الخمرة خلا بغير قصد آدمي،
فإنها طاهرة حلال باتفاق الأئمة).
وأما إن تخللت بفعل فاعل فإنه يأثم لما رواه مسلم في "صحيحه" عن أنس رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الخمر تتخذ خلا، فقال:«لا»،