الطهارة قال في "المغني"(١/ ٨٣): (فإن نوى بالطهارة ما لا تشرع له الطهارة؛ كالتبرد والأكل والبيع والنكاح ونحوه، ولم ينو الطهارة الشرعية، لم يرتفع حدثه؛ لأنه لم ينو الطهارة، ولا ما يتضمن نيتها، فلم يحصل له شيء، كالذي لم يقصد شيئا).
قال تقي الدين في "مجموع الفتاوى"(٢٢/ ٣١٩): (في الصحيح عن ابن عباس قال: {كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فجاء من الغائط فأتى بطعام فقيل له: ألا تتوضأ؟ قال: لم أصل فأتوضأ} فإن هذا ينفي وجوب الوضوء وينفي أن يكون مأمورا بالوضوء لأجل مجرد الأكل ولم نعلم أحدا استحب الوضوء للأكل إلا إذا كان جنبا وتنازع العلماء في غسل اليدين قبل الأكل هل يكره أو يستحب على قولين هما روايتان عن أحمد. فمن استحب ذلك احتج {بحديث سلمان أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم قرأت في التوراة أن من بركة الطعام الوضوء قبله والوضوء بعده} ومن كرهه قال: لأن هذا خلاف سنة المسلمين فإنهم لم يكونوا يتوضئون قبل الأكل وإنما كان هذا من فعل اليهود فيكره التشبه بهم. وأما حديث سلمان فقد ضعفه بعضهم وقد يقال: كان هذا في أول الإسلام لما كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه بشيء) وحديث سلمان ضعفه أبو داود والترمذي وغيرهما ولو صح لحمل على الوضوء الشرعي لا غسل اليدين، فظهر من ذلك عدم استحباب الوضوء الشرعي لمجرد الأكل ما لم يكون جنبا.
[مسألة - فمتى نوى شيئا مما يسن له الطهارة ارتفع حدثه.]
وكون الحدث يرتفع هنا هي الرواية الصحيحة في المذهب وهي الراجحة لأنه نوى رفع الحدث وفرق بين أن ينوي التجديد أو التبرد وأن ينوي رفع الحدث لفعل يستحب له الطهارة وإن كان البعض سوى بين من نوى التجديد وهو محدث ومن نوى التطهر لما تسن له الطهارة إلا أنني أرى أن مسألتنا يرتفع فيها الحدث لأنه نوى رفعه بخلاف من نوى التجديد فلا يرتفع الحدث لأنه لم ينوه والأعمال بالنيات.
وعليه فلا يشترط للمحدث عند رفعه الحدث أن يعين نية رفع الحدث وأنه مثلا لصلاة فرض أو طواف أو غيرهما مما تجب له الطهارة، ولا أنه لما يسن له الطهارة كالذكر والنوم مثلا بل ينوي نية مطلقة لرفع الحدث.